وتراسمند جرى على سياسة سلفه في العفو عنهم. ولكنه كان يستميلهم الى مذهبه بمنافع يمنحهم اياها. ولم يساعدهم على نظام كنيستهم، ونفى من الاساقفة من لم يخضعوا لاوامره.
وهلدريق أوصاه سلفه بالرفق بالارثذوكس. فجرى على وصيته. وفي سنة (٥٢٤) عقد مجمعا بقرطاجنة رجاء ايجاد سبل للمفاهمة والموافقة والموافقة بين المذهبين. فانفصل المجمع على استحالة توافقهما.
والخلاصة أن أعمال الوندال كانت منحصرة في تخريب حصون الرومان، وامتلاك ما كانوا اخذوه عن البربر من الاراضي بجميع الشمال الأفريقي، واضطهاد الارثذوكس الروماني النزعة بنفي أساقفتهم واغلاق كنائسهم وانتزاع أملاكهم. وقد ساموهم سوء العذاب: يحرقون رجالهم ونساءهم بالنار، أو يمثلون بهم بقطع الاعضاء أو الضرب بالسياط.
وتاريخهم حافل بتفاصيل وقائع الاضطهادات واعمال التخريب. ولكن لا تخلو تلك الاحاديث من المبالغات. على ان اجمال ذلك أنسب بنا من بيانه، لكون أكثره خارجا عن موضوع تاريخنا، وأغلب مسيحيي الجزائر كانوا دونويين فنجوا من تلك الاضطهادات، بل كانوا شركاء الوندال في التعدي على الارثذوكس وادالهم الله منهم.
[٩ - ثورات البربر]
قد علمت انه لم يكن للوندال بالوطن الجزائري غير مراكز عسكرية قليلة وأراض دولية الفلاحون بها من البربر. فكان عدد الوندال به قليلا، وسلطتهم على أهله ضعيفة. وإذا كان الرومان على قوتهم الحربية والاستعمارية وطول أمدهم لم يقطعوا ثورات البربر