ومن مشاهير رجال المال بنو الملاح، قرطبيون معروفون بالامانة والدين حرفتهم سكة الدينار والدرهم، ووفدوا على يغمراسن، وعنوا بالفلاحة، فولى منهم على اشغاله عبد الرحمن بن محمد بن الملاح. ثم كانوا أصحاب دولة ابي حمو الاول وأضاف اليهم حجابته فتولاها محمد بن ميمون بن الملاح ثم ابنه محمد الاشقر ثم ابنه ابراهيم ومعه علي بن عبد الله بن الملاح. وقتلوا مع ابي حمو سنة ٧١٨ وانتهت أموالهم.
[٥ - ملوك آل زيان]
كان ملوك آل زيان يفوقون بني مرين والحفصيين حربيا وسياسيا. ولكنهم يفوقونهم كثرة. فظل الصراع مستمرا بين القيوتين المعنوية والحسية بهجمات دولية أو اثارة قبائل قوية. حتى أن يغمراسن بلغت حروبه مع العرب خاصة اثنتين وسبعين. وعنوا بتحصين تلمسان وشحنها بالاقوات والمؤن حتى انهم صبروا على الحصار الطويل الذي دام ثماني سنين وثلاثة أشهر وأياما. مات فيها من رجالهم زهاء عشرين ألفا ومائة ألف. ونالهم من الجهد وغلاء الاسعار ما لا نظير له في التاريخ. أكلوا القطوط والفيران وأشلاء الموتى.
وبلغ ثمن الفار عشرة دراهم والبيضة ستة دراهم والتينة درهمين.
وقد أطال عبد الرحمن بن خلدون في بيان أسعار بقية المقتاتات.
وأخيرا نفدت مدخراتهم. ولم يبق من المقاتلة الا نحو الالف مشاة. فوطنوا أنفسهم على الاستماتة. ولكن الله فرج عنهم بقتل سلطان مرين. قال عبد الرحمن بن خلدون: "حدثني شيخنا محمد ابن ابراهيم الابلي- وكان قهرمان دارهم- ان السلطان ابا زيان سأل صبيحة يوم الفرج خازن زرعه عما بقي. فقال له قوت اليوم