فخشي أبو حاتم على نفسه. فخرج الى تالميت في أهله والعجم ونفوسة. واجتمعت اليه لواتة وقبائل الصحراء ما عدا أهل تيلغمت فانهم شايعوا التيهرتيين.
استعد أبو حاتم لفتح تاهرت. فقصدها من ثلاث جهات: جاء هو في الرستميين ولواتة وغيرهم من ناحية القبلة. وزحفت العجم وصنهاجة ومن لف لفها من ناحية المشرق. وتقدمت نفوسة ومن انضاف اليها من ناحية المغرب. ودارت رحا الحرب من الجهات الثلاث. فرغب التهرتيون في السلم. فاشترط ابو حاتم تسليم شيوخهم اليه يرى فيهم رأيه. فلم يقبلوا. وعادت الحرب. واستدعى التيهرتيون يعقوب بن أفلح من مكانة بزواغة. وكان منابذا لابن أخيه. فبايعوه. وانحازت اليهم بذلك طائفة من لواتة. وعادت الحرب جذعة.
وبعد اربع سنين من اتقاد نار هذه الفتنة تقدم ابو يعقوب المزاتي في قومه ونزل حول تيهرت لايقاف الفتنة. وسئمت الناس الحرب. فرضوا وساطته. فعقد هدنة لمدة اربعة أشهر. تقوى فيها حزب ابي حاتم. فدخل المدينة. وغادرها عمه يعقوب.
ها قد وقفنا بالقارىء على ناحية من مناحي حياة هذه الدولة في ايجاز من غير اطالة بوصف المعارك واحصاء القتلى وذكر الابطال.
ولا يستبعد مع هذه الفتن ما قدمنا من حديث العمران والمعارف فان القوم كانوا أحرارا. والحرية تعمل مع الفتن ما لا يعمله الاستعباد مع الامن.
[١٣ - سقوط الدولة الرستمية]
تأسست الدولة الرستمية بتأسيس تيهرت سنة ١٤٤ (٧٦١م) وبويع