للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وما جبلوا عليه من الخلق الكريم فلهم في ذلك آثار نقلها الخلف عن السلف. لو كانت مسطورة لحفظ منها ما يكون اسوة لمتبعيهم من الامم.

فمن خلقهم عز الجوار وحماية النزيل ورعاية الذمة والوفاء بالعهد وبر الكبير وتوقير اهل العلم ورحمة المسكين وحمل الكل وكسب المعدوم وقرى الضيف والصبر على المكارم والاعانة على النوائب ومقارعة الخطوب واباية الضيم ومشاقة الدول (١) وقد اطال ابن خلدون في هذا الغرض ولكنا اقتصرنا على ما اليه الحاجة امس.

[٤ - القبائل البربرية الكبرى]

البربر أمة ذات قبائل وبطون وعشائر لا ينالها الاحصاء. فانهم كانوا يعمرون أفريقية من آخر ايالة مصر الى المحيط الاطلانتيقي، ويتصلون من ناحية الصحراء بأرض السودان.

وذكر بعض مؤرخي الفرنجة ان البربر في منتصف القرن السادس للميلاد خسروا في حروبهم من البيزنطيين خمسمة ملايين من الانفس، هذا مع انه لم يحارب البيزنطيين جميع البربر كما هو معلوم.

وعلاوة على ذلك فقد جاء العرب عقب هذه الخسارة الفادحة ونزلوا على بقية البربر فالفوهم على غاية العزة والمنعة وذاقوا من بأسهم ما يحل عزائم غير العرب اولي الاتحاد المتين في ذلك الحين.

لعل هذا الضرب من الاجمال في عظمة البربر وكثرتهم يقيم لي عذرا في عدم تتبع قبائل هذا الجيل، فلنكتف بذكر القبائل الكبرى التي تعد اصولا لقبائل عديدة. ومتى سنحت لنا فرصة- اثناء مرورنا بادوار التاريخ- بزيادة تفصيل ودعا المقام الى ضرب من البسط فاننا نشرح ما يحتاج القاريء الى شرحه ونبين ما يفيد المطالع ان شاء الله.


(١) ج٦ ص١٠٤

<<  <  ج: ص:  >  >>