اتفق النسابون من العرب والبربر وتابعهم المحققون من الافرنج- دون المتعثرين في شبه الالفاظ- على ان البربر يجمعهم جذمان عظيمان هما برنس ومادغيس (ويلقب مادغيس بالابتر)، ويقال في شعوب برنس: البرانس، وفي شعوب مادغيس الابتر؛ البتر.
واختلفوا بعد هل هذان الجذمان لاب واحد: فعن بن حزم- وهو من نقدة النسابين- انهما لاب واحد، والجميع من نسل كنعان بن حام، وعن بعض نسابه البربر ان البرانس فقط من نسل كنعان، واما البتر فهم بنو بر ابن قيس بن عيلان بن مضر.
وذكر رين قول من قال ان البربر كلهم من بر وأيد ذلك بأن لفط برانس كلمة مركبة من ثلاث كلمات وهي: ابير = بر، ان = اله، اس = له = بر اله له.
وهذا الضرب من فلسفة رين اللفظية يذكرنا فلسفة العوام في كلمة فرعون، اذ يقولون: كان اسمه "عون" وفر عن امه فلما سئلت عنه قالت: فر عون، فعلق به هذا اللفظ وعرف به.
ومنهم من يدعي ان يبارين من الامم الاروبية وانهم هم الذين يسميهم ابن خلدون البرانس. وهذا من البعد بمكان. ذكر ابن خلدون في بطون مكناسة قبيلة "ابا يرون" فلو اعملنا المشابهات اللفظية مطية لادراك حقائق الانساب لقلنا: ان يبارين هي ابايرون وكان ذلك اقرب من دعوى انها البرانس.
والقائلون بأن البتر من سلالة بر بن قيس يروون في التحاق بر بالبربر روايات واشعارا لا احب ان اطيل بجلبها فليس شيء منها بمطمئنة له النفس، ومن كان له ذوق سليم أدرك اثر الصنعة في تلك الاشعار.
والصحيح عند حذاق النسابين ان البرانس والبتر جميعا من ولد مازيغ ابن كنعان بن حام.