الجزائر الحفصية هي عمالتا قسنطينة والجزائر الى ما بعد مليانة شمالا غربيا، وما بعد ورقلة جنوبا إلا ما تغلبت عليه زناتة من بعد.
وكانت عاصمة هذه المملكة الغربية بجاية حتى أكثرت زناتة من الغارات على ساحتها فصارت الاهمية لقسنطينة واكثر ولاة بجاية وقسنطينة وبونة حفصيون وقد يليهن مواليهم، وبقية المدن يليها أولياؤهم وصنائهم أو شيوخ من أهلها. وكثيرا ما تستقل هذه المملكة عن تونس، وقد يستقل مدنها بعضها عن بعض.
والولاة الحفصيون يتخذون الحجاب والوزراء والكتاب كالملوك. وأولهم أبو يحي زكريا. أنرله أبوه أبو زكريا يحبى الاول ببجاية سنة ٦٣٣. وجعل وزارته ليحي بن صالح بن ابراهيم وشوراه لعبد الله بن ابي تهدي وجبايته لعبد الحق بن ياسين. وكلهم من هنتانة. ثم ولاه عهده سنة ٣٨ وكتب له وصية طويلة جامعة لمحاسن الدين وسياسة الملك. نقلها ابن خلدون وسقطت من نسخته المطبوعة بمصر. وكان عالما دينا جليل القدر ضابطا لأموره عدلا في أحكامه.
وتوفي سنة ٤٦، وكان ابو زكريا لما فتح قسنطينة ولى بها بني النعمان من هنتاتة. فقويت شوكتهم وغمسوا أيديهم في بعض الثورات على المستنصر. فنكبهم واباد رؤساءهم قتلا ونفيا سنة ٥٤ وولى بها ابن كلداسن من مشيخة الموحدين فاقام بتونس واناب عنه أبا بكر بن موسى بن عيسى الكومي المعروف بابن الوزير، فكان ذا غناء وصرامة. ثم سماه المستنصر حافطا عليها. فلم يزل بها إلى ايام ابي اسحق.
وفي سنة ٥٩ جهز المستنصر أخاه عمر لاخضاع مليانة، فلما قفل