ولان غاية اتباع دونتوس سياسية لم يتمكن الدين من تحويل طبائعهم وعاداتهم وعباداتهم. وكذلك كثير من الارثذوكس لم يكن الدين ليفضي الى قلوبهم. وقد كان القديس أغسطين يخطب في المسيحيين ويرشدهم الى المسيحية الصرفة. قال الاب مسناج:"اذ كان في عصره أكثر المسيحيين لم تزل بين جنوبهم عقائد وثنية: يأتون الكنائس ويعبدون فيها آلهة وثنية، ويذهبون أيضا إلى الهياكل الوثنية" - وقال أيضا:"فجر القرن الخامس هو أزهر عصر للديانة المسيحية بافريقية، ومع ذلك فانه لم يصل الى قلوب معتنقيه من البربر، وانما كان شعارا ظاهريا، وفي حقيقة الامر لم يزالوا على وثنيتهم".
وكان عصر قسطنطين عصر الحرية الدينية فارتفعت عن المسيحية الاضطهادات وصار كل من المسيحيين والوثنيين يأتون أعمالهم بحرية تامة. ثم تأثرت المسيحية من الوثنية وأصبحت تضطهدها: في عصر قسطنط سنة (٣٤١) منعت القرابين، وفي أيامه أيضا سنة (٣٤٦) أغلقت الهياكل الوثنية وشدد في منع القرابين حتى هدد فاعلها بالقتل. وفي سنة (٣٨٠) لم يعترف امبراطور رومة غراطيانس بشيخ الديانة الوثنية. ثم صادر سنة (٣٨٢) املاك الهياكل، ونزع لشيوخ الوثنية امتيازهم، وأزال من مجلس الشيوخ تمثال الهة النصر.
وفي سنة (٣٩٩) أمر هنوريوس بابطال عبادة الاصنام وهدم معابدها. وامتعض الوثنيون- وكانوا كثيرين- لهذا الامر.
ولم تجد الوثنية حريتها الا في زمن يوليانس المرتد (٣٦١ - ٣٦٣).
كان هذا الامبراطور قد تعلم بأثينا. وبعد امبراطوريته فتح داره للحكماء والفلاسفة، فنبذ المسيحية، وبذلك سمي المرتد، ومنح الوثنيين حريتهم. واشتد على المسيحيين لانهم كانوا في نصرة خصمه قسطنطيوس ما عدا الدونتسيين.