في صائفة سنة (٥٣٣) ركب بليسير البحر بجيش يشتمل على خمسة عشر الفا ثلثهم فرسان، في أسطول يتركب من خمسمائة سفينة. وركبت معه زوجه وكاتبه المؤرخ بروكوب. وحضر ركوبهم الامبراطور نفسه، وأحد الاساقفة، وزودهم بالدعاء.
سار الاسطول الى أن أرسى بصقلية. فنزل الجيش للاستراحة والتزود والاستعلام عن أحوال الوندال. وذهب بروكوب الى سرقوسة ليأتي مخدومه بارشادات. فعاد اليه يحمل هذه البيانات:
١ - الجنود الوندالية بسردانيا تحارب عاملها الثائر.
٢ - جلمير نازل بالبيزاصين (جنوب تونس).
٣ - الوندال لا علم لهم بمجيء الجيش الرومي.
بعدئذ ارتحل بليسير بجيشه، وأرسى بخليج قابس في يوليه.
وأخذ يتنقل مع الساحل البحري، ففتح لبتيس وحضرموت. وارسل الى سراة الوندال باسم الامبراطور: اني لم آت محاربا للامة الوندالية. وانما جئت محاربا لشخص جلمير الذي اغتصب الملك من يد هلدريق!
ولما علم جلمير بنزول الروم بأفريقية جمع جموعه لحربهم. وكانت بين الفريقين معارك لم تفل من عزم جلمير وان كان وقعها عليه شديدا. وأخيرا ذهب الى جبل بابوة (PAPPUA) (١) فتلقاه أهله البربر بالترحاب، وادخلوه مدينتهم ميدينس (MIDENOS).
نزل بهذه المدينة طمعا في أن يجد سبيلا في الذهاب الى الاندلس. وارسل إلى ملك القوط بهاثوديس ليوجه له مراكب. فلباه. ولكن القدر أبى على جلمير الا أن يقع بيد أعدائه. فحوصر بتلك المدينة ثلاثة أشهر. ولما أيس من اللحاق بالاندلس طلب من
(١) اختلف في هذا الجبل: قيل هو جبل أيدوغ وقيل جبل الناطور.