وكان ضرر الحرب بالجزائر أقل منه بتونس وطرابلس لان الجزائر لم تكن هي المقصودة بهذه الحملة، ولم تطل بها مدة الحرب، وسواحلها حيث كتامة كانت منطقة سلم، ووسطها به معاقل منيعة وجبال حصينة، وجنوبها حيث اشتدت الحرب صحراء ليس فيها كبير عمارة.
والمسؤل عما لحق المغرب من أضرار الحرب هي صنهاجة التي لم تحسن سياسة هؤلاء العرب وجرأتهم عليها بما كان بين دولتيها من تنافس. وقد بالغ كتاب العربية في تقدير تلك الاضرار ثم حملوا الهلاليين مسؤليتها. ذلك لانهم كتبوا لدول بربرية ولم يكن للهلاليين حكومة تطمعهم في انعامها. ولبداوتهم لم يهتموا بدعاية سياسية تنشر لهم أو عليهم. واتخذ كتاب الفرنسوية مبالغات كتاب العربية سلما لثلب العرب. وصاروا يطرون البربر بعد ما كانوا يقذفونهم باشنع القذائف في الدورين الروماني والبزنطي. واقتصر في هذا الغرض على كلمة واحدة للكاتب العسكري كاريت. قال:
" كان هجوم العرب الفاتحين كالاعصار يقتلع الاشجار ويهدم المنازل وهجوم الهلاليين كالحريق الهائل الذي يذر الاشجار والمساكن رمادا تذروه الرياح فما أبقاه الاعصار قضى عليه الحريق. وما بقي عن السياسة العربية قائما بالمغرب ذهب به الطبع العربي الهدام. فتمم الهلاليون اعمال التخريب التي ابتدأها الخلفاء الأولون " اهـ.
اما تجد في هذه الجملة التي هي غيض من فيض ريح مسيحية القرون الوسطى وروح الاستعمار المصري؟ لعل كاريت تصور حربا أروبية بآلاتها المدمرة واستعار نتائجها لنتائج حرب سلاحها السيف والقوس! ولعل عاطفته على هذا الوطن امام الهجوم العربي استعارها من انسان كامل رأى الحملات الاروبية على الامم المستضعفة! اسمح لي أيها الكاتب أن أقول لك لست بمؤرخ يحترمه القارىء ولا بسياسي