العامة فانها كانت بأيدي العرب لخبرتهم بالشؤون الدولية. ولم تسند للبربر لعراقتهم في الفوضى وحدوث عهدهم بالنظام. ومع ذلك فان العرب قد أقروا بعض رؤساء البربر على رئاستهم.
ولقد ساس العرب البربر سياسة الاخاء والحرية والمساواة حقا. فتركوا لهم أراضيهم ولم يثقلوا كاهلهم بالضرائب. حتى ان مالية ولاية المغرب كانت غير كافية، وتمدها ولاية مصر بمائة الف دينار كل عام. ولما بويع المنصور العباسي أرسل الى عبد الرحمن بن حبيب الفهري، وكان متغلبا على المغرب، يدعوه الى الطاعة. فلباه عبد الرحمن. وبعث اليه بهدية فيها بزاة وكلاب وذهب قليل. واعتذر له عن ضعف هديتة بأن المغرب اليوم بلاد اسلامية لا سبي فيها. ولعلك لم تنس ان ايطاليا كانت تأخذ من المغرب مؤونة ثمانية أشهر. فقابل بين السلطتين: الرومانية والعربية.
وقد أدرك البربر فضل السلطة العربية. فأخذوا يخدمون دولتهم باخلاص. ودخلوا الجندية لاول الفتح على عهد حسان. وكانت لهم اليد الطولى في فتح الاندلس على عهد موسى بن نصير. وظلوا مغتبطين بالسياسة العربية الى أن أخذ الجور يبدو من بعض الولاة. فذكروا هواهم الدفين. وشرعوا يعملون لاستقلالهم بوطنهم وطرد النفوذ العربي منه مع المحافظة على ما أخذوه عن العرب من دين ولغة وحضارة.
في سنة (١٠٢) كان الوالي على المغرب يزيد بن أبي مسلم. فأراد أن يأخذ من البربر الجزية وهم مسلمون. فبادروا بقتله لشهر من ولايته. ونصبوا مكانه أحد الولاة السابقين. قيل محمد بن يزيد، وقيل اسماعيل بن عبيد الله. وكتبوا الى الخليفة يزيد بن عبد الملك بالطاعة والعذر. فقبل عذرهم وأقر الامير الذي نصبوه.