للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولما انتقل الفينيقيون الى ليبية دخلت لغتهم مفردات من اللغة الليبية فازدادت ثروة، ولكنها تغيرت-طبعا- عن أصلها فلقيت بالبونيقية.

وقد اضمحل الفينيقيون وماتت من بعدهم لغتهم. وما بقي منها باللسان البربري دخلت عليه العربية من بعد فتعذر تمييزه.

ولكون هذه الأمة تجارية يلزمها ان تتعلم الكتابة والحساب، فتعلمت عن السريانيين الحساب وأخذت عن المصريين حروف الهجاء واستعملتها في لغتها بعد ما هذبتها وقربتها للفهم.

كانت الحروف المصرية فيها صعوبة من حيث ان منها ما يدل على كلمة، ومنها ما يدل على جزء كلمة، ومنها ما يدل على حرف واحد. وفيها حروف مختلفة المعنى متحدة المخرج. فازال الفينيقيون منها تلك الصعوبة وصيروها بسيطة سهلة التناول.

اختار الفينيقيون من الحروف المصرية اثنين وعشرين حرفا لكل حرف مخرج. ثم قلدهم فيها الاغريق فمن بعدهم من الامم. وقسموها الى حروف هجائية واشكال للضبط.

ولما دخل هذا الخط ليبية مع اصحابه ووجد امامه الخط الليبي تأثر به وتغير عن اصله فسمي الخط البونيقي.

وقد ألف بهذا الخط وتلك اللغة تآليف في الفلاحة والملاحة والاسفار منها رحلة حنون الذي ارتحل حول افريقية وبلغ شواطىء غينيا ومنها رحلة عملقون الذي بلغ سواحل انكلترا، ومنها كتاب ماغون في الفلاحة الذي اخذه اليونان والرومان الى لغتهم واعتمدوه خصوصا في تنمية النباتات بافريقية.

وللبونيقيين غير هذه الكتب بلغتهم وخطهم ضاعت بضياع ملكهم. ولم يبق منها الا نتف مترجمة ومبعثرة في كتب اللطينيين واكثرها ضاع

<<  <  ج: ص:  >  >>