الركيزة الأساسية التي يعتمد عليها الاستعمار في ادارة البلاد والتحكم في المناطق التي يخشى ثورة سكانها.
والبلدية المختلطة تشمل عادة منطقة شاسعة تضم عدة دواوير وقرى يسيطر عليها حاكم فرنسي يساعده عدد من الاعوان الفرنسيين أيضا، الى جانب بعض الاعوان من "الاهالي".
وإذا كان الاروبيون ممثلين في هذا النظام البلدي بواسطة من ينتخبهم فان الاغلبية الساحقة من سكان الاحواز أو البلديات المختلطة، أي الجزائريون، ممثلون " نظريا " بواسطة رجال تعينهم الادارة الفرنسية. ولا يخفى ان الحاكم الفرنسي لا يعين ضمن ادارته الا من يجد لديه الاستعداد لخضوع مطلق وانقياد أعمى في تنفيذ التعليمات. وكان معروفا ان المعيار الذي تقاس به صلاحية المساعد الجزائري هو مدى تصديه ضد مطالب من يفترض فيه ان يمثلهم وتفانيه في محاربة بني جلدته، فتلك هي الطريقة التي يزكي بها "القائد" أو "الخوجة" نفسه في أعين سادته، وهي التي تمكنه في الوقت نفسه من جمع بعض الاموال الحرام على حساب اخوانه وبني عمومته.
ولا حاجة الى التذكير بالصلاحيات الواسعة التي يملكها الحاكم الفرنسي في تعيين اعوانه من بين الجزائريين، وإذا صادف ان "لقائد" أو غيره من اولئك الاعوان لم يرق للمعمرين الاروبيين، فليس اسهل لديهم من أن يلفقوا ضده تهمة لا يملك ضدها أي طعن، فعزله يتم بنفس السهولة التي تم بها تعيينه. ومن ثم تجده يضطر الى مجاراة الادارة. ونادرا هم اولئك الذين ينجحون في البقاء بمنصبهم دون الاصطدام مع الشرائح الاجتماعية الاكثر تمثيلا لشعبهم.
ولهذا، بقدر ما يكون " القائد" في البلدية المختلطة مجردا من أي حق في مواجهة المعمرين والفرنسيين، بقدر ما يتمتع بصلاحيات واسعة في مواجهة أبناء شعبه. أليس هو الذي يملك حق تحديد حصة الضرائب المفروضة على الجزائريين، دون ان يتحكم في ذلك