حتى اذا نضجت ثمرتها وسهل على الرومان اجتناؤها نقله الى الموريطانيتين - وقد كاتنا تحت نفوذه ولكنه عجز عن تذليلهما- فاضعف فيها الروح الوطنية التي تلازم بساطة العيش: نشط الفلاحة فتقدمت خطوات، واعتنى بالعمران فاتسع نطاق المدن وكثرت عمارتها.
أخذ المعارف عن كبار علماء اليونان والرومان. واشتهر بالتاريخ والجغرافيا والطبيعة والنحو. وكان ذا ذوق وانتقاد للشعر والفن. وله كتب في التاريخ. منها تاريخ رومة من يوم تأسيسها الى وفاة كافله أغسطس قيصر (وهو وكتافيوس). يذكر في تلك الكتب النظم الرومانية وجزيرة العرب والسريان وليبية. ويتكلم فيها عن التصوير والتمثيل والنباتات. وكتب رسالة في اسباب فساد اللغة الاغريقية، وألف تآليف بها. وبالغ في التشيع للاغريق حتى نسب لهم عوائد قديمة بافريقية وروما. وجازوه على ذلك بتشييد هيكل له بأثينا. ونقل الحضارة الاغريقية الى عاصمته قيصرية. فجلب لها علماء ورسامين وممثلين من الاغريق. وأنشأ بها بناءات فاخرة رسم عليها تماثيل من احسن ما تنمقه يد الاغريقي.
ولم يزل يؤيد السيادة الرومانية بوطنه ويخلد ذكر كافله حيث تسمى باسمه. فدعى نفسه " كايوس يوليوس" ونسب عاصمته يول اليه فدعاها قيصرية، وشاد بها معبدا لالهه".
والخلاصة انه كان متشيعا للاغريق في العلوم والحضارة، وللرومان في الحكم والسياسة، عديم الغيرة الوطنية والاحساس القومي.
في سنة (٦) م توفيت زوجه فدفنها شرقي قيصرية. وشاد على قبرها هيكلا ضخما. وفي سنة (٢٢) م أو (٢٣) م توفي ودفن مع زوجه. ولم يزل ذلك الهيكل مشاهدا الى اليوم ويعرف بقبر المسيحية. ولكنها