مصيبسا حصنها تحصينا لا يمكن معه لاحد ان يفتحها عنوة. وقال البكري: ليس يعرف أحصن منها. ويدل لذلك ان يوغورطة عكف على حصارها مدة عامين. ولولا المجاعة ما وجد سبيلا لفتحها. والوندال لم يتمكنوا من فتحها، وهم الذين فتحوا قرطاجنة ورومة. كما سيأتي.
استمرت هذه المدينة على عهد الملوك الاولين من البربر في تقدم ورقي من حيث التجارة والبناءات الانيقة والمعارف. فكثر روادها واتسع عمرانها، ثم نقصت من قيمتها وعمارتها كثرة الفتن على عهد هيمصال الثاني.
ولما منحها قيصر لستيوس أخذت في النمو. وازدهرت في العصر الروماني بكثرة السكان وسعة العمران وفنون العرفان. وفي أوائل القرن الرابع للميلاد وقعت حرب بين قسطنطين ومكسنتيوس فدخلها هذا الاخير وعاث فيها فسادا بقتل السكان وسبيهم واحراق المدينة.
وبعد ان غلبه قسطنطين جدد بناءها، وأعاد على الناس أموالهم، ونشط الفلاحة. فعادت اليها عظمتها وعمرانها. وما زالت شمسها تبزغ وتأفل. وهي لهذا العهد كثيرة المباني واسعة العمران. كل سنة تزداد سعة. ولكن ما زالت لم تبلغ حدودها التي كانت عليها في العصر الروماني.
بقي لها اسمها الفينيقي حتى جاء ستيوس فدعيت "مستعمرة ستيوس" يريدون بالمستعمرة المدينة. واطلقت عليها اعلام اخر. ولكن كلها لم تزاحم اسم قرطة ولم تبلغ شهرته. حتى جددها قسطنطين. وكانت له اخت تدعى قسسطنطان. فسمى المدينة باسمهاه وعلق من ذلك الحين هذا العلم بها. وجر ذيل النسيان على ما