وإذا اضطر لمحاربتهم لم يحاربهم الا بالوندال الحقيقيين، لانهم أكثر اخلاصا له، وأشد قوة على الحرب. وكان يمنح الجيش من الغنائم. واتخذ اسطولا عظيما خاض به عباب البحر الابيض المتوسط، وملك به أهم جزره، وأدهش به الايطاليين. قال مرسيي: وقد وجد في هذا الاسطول فائدتين: الغنائم التي كان يجلبها بالقرصنة، وتمرين الجنود على الحرب. وأرى فائدة ثالثة وهي اشغال البربر من جيشه بالقرصنة حتى لا يثوروا عليه. وقد غفل خلفاؤه عن هذه الفائدة، فلم يجدوا في البربر السلم التي وجدها هو.
وبعد ان دخل جنسريق قرطاجنة وثبتت قدمه هنالك بمعاهدة سنة (٤٢) اتخذ الوطن التونسي وطنا ونداليا. فقسم ادارته الى خمس عمالات، وقسم أراضيه بين ولديه هنريق وجنصون، والجنود، ومعمري الوندال. وابقى بعض الاراضي للاهالي.
أما الوطن الجزائري فلم يدخل عليه بعد عوده اليه أي تغيير اداري ولا استعماري. بل ابقى لساكنيه نظامهم القديم وولاتهم ومجالسهم البلدية وشرائعهم الذاتية، وانما اتخذ به مراكز للجنود وكان يرسل اليه احيانا بعض أعيان دولته لاستطلاع الحالتين: السياسية والعسكرية، ولم ينتزع منهم أملاكهم، الا ما كان من املاك الدولة الرومانية فانه صار الى ملوك. الوندال، وعليه وكلاء وبه خدمة فلاحون، ولم تتغير حالة الضرائب ايضا الا في المدة التي عادت فيها الجزائر الى الرومان فان الامبراطور أصدر أمرا سنة (٤٥) باسقاط سبعة أثمان الغرامة عن الاهالي.
وكان رؤساء البربر منقادين لملك الوندال، ويمدون جيشه برجالهم.