للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اذا كانوا يظنون انه يرضى عن صنيعهم ويقرب منزلتهم. ولكنهم تبينوا من بعد انه غير راض عنهم وسمعوا منه مرارا التصريح بلعن قتلة عثمان. فاوجسوا خيفة من اصطلاحه مع العثمانيين فكانوا هم السبب في وقعة الجمل سنة ٣٦ ثم كانوا هم الحاملين لعلي على قبول التحكيم الذي دعا اليه معاوية سنة ٣٧ وبعد امضائه على عهد التحكيم طلب اليه فريق من العراقيين نقض العهد واشهار الحرب فلم يستطع مجاراتهم في هذا التلاعب. فانعزلوا عنه. وأعلنوا بالخروج عن طاعته. وغادروا الكوفة الى النهروان. فارسل اليهم عبد الله ابن العباس ليستصلحهم بالحجة والمفاهمة. ثم لحق هو نفسه. ونتج عن هذه السياسة الحكيمة ان عاد فريق منهم الى الطاعة وأصر آخرون على الخلاف. فأعرض عنهم. حتى بلغه انهم قتلوا صحابيا وزوجه. فارسل اليهم بالكف عن الفساد. فقتلوا الرسول. وهنالك توجه اليهم بجيوشه وخاطبهم خطابا بين لهم فيه صوابه وخطأهم. فلم ينفعهم خطابه. وكانت الحرب. فأتى القتل على أهل النهروان. ولم ينج منهم الا قليل تفرقوا في الجهات.

هؤلاء هم المسمون بالخوارج لخروجهم عن الامام علي. واصل معنى الخوارج الطوائف الخارجة عن طاعة امامها. وخصه المتكلمون والمؤرخون بالخارجين عن علي ومن والاهم ورضي سيرتهم. فصار علما لاصحاب فكرة خاصة. وليس مرادا به مدح او قدح اذ لا يعقل ذم طائفة- ايا كانت- لعملها بمبدأ استصوبته. وانما ينظر في مبدأها وما فيه من مقبول أو مردود.

كان شعار الخوارج في الثورة على علي "لا حكم الا لله" وهو شعار لا خلاف في مدلوله الحقيقي بين المسلمين. وأصله قوله تعالى "ان الحكم الا لله". وانما انفرد الخوارج بهذا الشعار لكونهم

<<  <  ج: ص:  >  >>