وهكذا كانت البضائع تصدر من تيهرت واليها برا وبحرا وغربا وشرقا وشمالا وجنوبا. فتأتيها بضائع الاندلس والمغرب الاقصى والسودان وافريقية ومصر والشام والعراق والحجاز واليمن.
وكانت الدواب والمواشي كثيرة بمملكة تيهرت. يكثر بها البقر والغنم وتوجد بها الخيل المسومة والبراذين الفراهيد. وللناس عناية بالفلاحة خصوصا حوالي الاودية. يزرعون القطن والكتان والسمسم والكسبر والكمون وغيرها. ويغرسون الاشجار المختلفة.
ونشط الناس لانشاء العمارات والقصور في الاماكن الصالحة لها. فكان للأسرة الرستمية حصن في جوار لواتة يدعى تالميت به مواشيهم وعبيدهم. وللأمراء منهم قصور ومنتزهات في أملاكهم خارج تيهرت. وقد أطال ابن الصغير الحديث عن القصور. وقال:"وكانت العجم قد ابتنت القصور ونفوسة قد ابتنت العدوة والجند القادمون من افريقية قد ابتنوا المدينة العامرة اليوم".
وانتقلت مع التجارة التي هي أهم موارد تيهرت حضارات الممالك الاخر. واضيفت الى حضارة البلاد الموروثة عن الرومان والروم. وتكون من مجموع ذلك حضارة تيهرتية مزيجة من عدة حضارات. فكانت تصنع بهذه المملكة نسائج الصوف والكتان وأواني الخزف والطين والزجاج والاثاث من الخشب المنحوت والمخروط والمموه والمرصع بالعاج أو الصدف. والصنائع متركبة من بربرية وفارسية وعربية ورومية واندلسية. عليها طابع الحضارة الاسلامية.
وقد جاء بعد الرستميين دول اسلامية ذات حضارات متقاربة. فلا سبيل الى تمييز ما أبقته الحضارة الرستمية بالوطن الجزائري. ولو عني بالبحث عن آثار تيهرت لامكن الوصول الى شيء عن معرفة هذه الحضارة. ووطن مزاب حافظ حقا على عوائده القديمة ولكن