الصبا وباب المنازل وباب الاندلس وباب المطاحن وغيرها، وهي في سفح جبل يقال له قزول (وهو بتخفيف الزاي وهكذا يدعى اليوم)، ولها قصبة مشرفة على السوق، تسمى المعصومة، وهي على نهر يأتيها من جهة القبلة يسمى مينة وهو في قبليها، ونهر آخر يجري من عيون تجمع تسمى تاتش، ومن تاتش شرب أهلها وبساتينها، وهو في شرقيها .. وهي شديدة البرد كثيرة الغيوم والثلج، قال بكر ابن حماد:
ما أخشن البرد وريعانه ... وأطرف الشمس بتاهرت
تبدو من الغيم اذا ما بدت ... كانها تنتشر من تحت
فنحن في بحر بلا لجة ... تجري بنا الريح على السمت
نفرح بالشمس اذا ما بدت ... كفرحة الذمي بالسبت
ونظر رجل من أهل تاهرت الى توقد الشمس بالحجاز فقال: احرقي ما شئت فوالله انك بتاهرت لذليلة!، ومسجد تاهرت الجامع أسسه عبد الرحمن وهو من اربع بلاطات، قال محمد بن يوسف: وبها أسواق عامرة وحمامات كثيرة، يسمى منها اثني عشر حماما.
ومنذ سقطت الدولة الرستمية اصبحت تيهرت نقطة عراك بين الشيعة وزناتة يتغلب عليها هؤلاء تارة وأولئك أخرى. فأخذ عمرانها في التراجع. واحرقت النار اسواقها في شوال سنة ٣٠٥ كما في القرطاس. ثم كانت فتنة ابن غانية. وتكرر دخوله لتيهرت، فاحتمل أهلها وتفرقوا في البلاد، وذلك سنة ٦٢٠ وكان ذلك آخر العهد بعمارتها، وأرضها اليوم تحرث، ولم يبق منها الا انقاض وبعض سورها، والاماكن تشقى وتسعد.