قال لهما ان لامير مصر مسالح لا يجوز احد الا فتشوه وههنا طريق أعرفها لا يسلكها الناس. فأنا أحمل هذا الفتى معي، يعني أدريس. في هذه الطريق الغامضة البعيدة. فالقاك به، يقول راشد، في موضع كذا. وهنالك تنقطع مسالح مصر. فكب راشد في أحد شقي المحمل. ووضع متاعه في الشق الآخر. ومضى مع الناس في القافلة. وخرج الرجل على فرس له. وحمل ادريس على فرس أخرى. فمضى به في الطريق الغامضة، وهي مسيرة أيام، حتى تقدما الرفقة. وأقاما ينتظرانها حتى وردت. فركب ادريس مع راشد حتى اذا قربا من افريقية تركا دخولها. وسارا في بلاد البربر حتى انتهيا الى بلاد فاس وطنجة".
هذا حديت البكري. ومراده بافريقية القيروان. وصاحبها يومئذ من قبل العباسيين روح بن حاتم. وفي الاستقصاء: ان ادريس دخل القيروان واقام بها مدة. ثم خرج هو وراشد حتى أتيا تلمسان. فأراحا بها أياما. ثم ارتحلا نحو طنجة. فعبرا وادي ملوية. ودخلا بلاد السوس الادنى. وتقدما الى مدينة طنجة. ونحوه في القرطاس لابن أبي زرع.
ومن طنجة خرج ادريس ومولاه راشد الى مدينة وليلي. فنزلا على صاحبها اسحق بن محمد بن عبد الحميد الاوربي. فاكرم مثواهما. وعرفه ادريس بنفسه فبالغ في اكرامه وخدمته. وكان نزولهما بوليلى غرة ربيع الاول سنة ١٧٢.
قال ابن ابي زرع: "ومدينة وليلي قاعدة جبل زرهون. وكانت مدينة متوسطة خصبة كثيرة المياه والغروس والزيتون. وكان لها سور عظيم من بنيان الاوائل". قال السلوى: "يقال انها المسماة اليوم بقصر فرعون"