المركزية. فلهذا عهد ادريس لابن عمه محمد ابن سليمان على المغرب الاوسط. وأشارت أمه كنزة البربرية على حافدها محمد بن ادريس لما ولي بعد ابيه بتقسيم المملكة بين أخوته.
ومبني سياسة الحكومة الخارجية عدم الاعتراف ببقية الدول الاسلامية. ولكن صدها عن العمل لاخضاعهن ذلك النظام الداخلي الذي اضطرت اليه وتركها فقيرة من المال والرجال. فاكتفت بما تحت نفوذها. واصطلحت مح الاغالبة ولم تهج بني أمية.
وكانت تضرب السكة باسم الامام. وانتشرت سكتها بالمغرب. حتى ان زيادة الله الاول بعث منها الى المأمون لما ارسل له بالدعاء على منابر افريقية لعبد الله بن طاهر، تعريضا بتحويل الدعوة الى الادارسة. وهذا يرشد الى ما كان لهذه الحكومة من النفوذ الادبي. فان حكومة الاغالبة أغنى منها رجالا وأموالا ولم تطمع في الاستقلال ولم يأنف أميرها لما غضب من الدخول في دعوتها.
وكات ايمة الادارسة أهل عدل ورفق بالرعية وسهر على أمنها. قال ابن ابي زرع:"فكثرت الخيرات بفاس وظهرت البركات. ورخصت الاسعار، فبلغ وسق القمح درهمين ووسق الشعير درهما والكبش درهما ونصفا والبقرة اربعة دراهم والعسل خمسة وعشرون رطلا بدرهم والقطاني والفاكهة لا قيمة لها. دام ذلك خمسين سنة. منذ أيام ادريس بن ادريس." وظاهر ان العاصمة تكون بها أمثال هذه المواد أغلى غالبا منها في الاعمال التابعة لها.
وقد حدثت اواخر الدولة فتن غيرت مجرى هذا الرخاء. فقد قام عبد الرزاق رئيس الصفرية بمديونة وجمع جموعا عظيمة استولى بها على فاس حتى اخرجه الامام يحي بن القاسم وشغل مدة امامته بحروب الصفرية وولي بعده يحي بن ادريس بن عمر وكان شجاعا حازما فقيها محدثا فصيحا ورعا صالحا أكثر الادارسة عدلا واغزرهم