من سولت له نفسه ما سولت لك نفسك. وهذا أول كلامي وآخره. فانظر في يومك لغدك".
فقال ابو عبد الله للرسول: "قد قلت فاسمع وبلغت فأبلغ. اني لست ممن يروع بالايعاد وفي انصار الدين الذين لا يخشون كثرة انصار الظالمين. وكم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة. ولا طمع لي فيما عنده. وانما جئت لامر حم".
ولم يكن بعد من الامير ابراهيم الا ان خرج غازيا لصقلية سنة ٨٤ وترك مكانه ابنه ابا العباس واوصاه بمسالمة الشيعي وان غلب على افريقية فليلحق بصقلية. وبلغ ابا العباس عن ابنه زيادة الله وما حمله على سجنه، فصانع زيادة الله بعض الخدم على قتل والده وقتله سنة ٩٠ والحرب قائمة بين الاغلبيين والشيعيين بنواحي سطيف. ثم جلس مكان ابيه وقتل كل من يظن فيه منازعته من اخوته وعمومته. وعكف على الملاهي وأهمل أمر الدولة.
تلك حال الاسرة الاغلبية في هذا الوقت. أما الجند فكان مؤلفا من عرب وبربر من أهل الشام وخراسان وغير ذلك. وكلهم مأجورون ليست لهم غاية دينية أو غيرة وطنية. وربما ثاروا على الحكومة وخرقوا حجاب هيبتها. فلم يكن لهم من الحماسة والاخلاص ما لاصحاب الشيعي.
ولم تعمل الحكومة لبسط نفوذها على جميع المملكة. وكانت هذه السياسة نافعة في قلة الثورات الداخلية حتى لا تشتغل باطفائها عن الجهاد الذي كانت معنية به. لكنها ضارة من حيث ترك السبيل لمن يبث دعاية ضد الحكومة ويفسد عليها الرعية.
فلولا سوء هذه السياسة ما وجد الشيعي مكانا لبث أفكاره.
ولولا سوء النظام العسكري لتغلبت الدولة على الثورة. ولولا قتل