عني العرب بنشر الامن ونظام البريد وتنشيط الفلاحة وتربية المواشي. فكانوا يقطعون الفلاحين الارضين. ويخففون عن البادية الخراج. ويكلفون شيوخ القبائل حماية القوافل ويتخذون الفرسان لنقل البريد بين البلدان.
حكى التنسي أن رجلا من سجلماسة بلغه خروج قافلة الى مصر. فخرج يطوي المراحل خلفها. ومعه ثلاثة آلاف دينار. فلما جاوز قابس اذا بفرسان أخذوا دابته ودنانيره. فرجع الى الامير ابراهيم بن الاغلب بالقيروان. فدخل عليه وهو بمقصورة الجامع لسماع الشكاوي وفصل الدعاوي. فقص عليه خبره. وتنحى جانبا فدعا الامير حاجبه. وسأله هل وجهت خيلا الى طرابلس؟ فقال نعم وقد عادوا. فأمره بعرض جميع الفرسان عليه بعد القيلولة. وبعد انتهاء مجلسه أمر بالشاكي الى دار الضيافة. وجاء موعد العرض.
فاستدعاه وأجلسه الى جنبه ليعرفه ان بصر باحد أصحابه. فكلما عرفه بواحد اوقفه ناحية.
ولما تم العرض ادخل الموقوفون على الامير. فاستنطقهم حتى اعترف أحدهم. واتي بالدابة والدنانير. وخرج الشاكي وقد ارسل الامير الى عامل طرابلس بحبس الرفقة عليه ووجه معه من ابلغه اياها.
تلك السياسة وهذا العدل أعانا على توسيع نطاق العمران وتنمية موارد الحياة. فكانت الطرق تخترق الوطن جنوبا وشمالا، والسفن تشق عباب البحر مشرقه ومغربه. والمراسي في حركة مستمرة والاسواق في نفاق متصل. وللتجار في بعض النواحي علامات على أبوابهم تدل على مبلغ ثروتهم.
وترقت مع التجارة الصنائع من حدادة ونجارة وحياكة وصياغة