عرف البربر العرب اساتذة ماهرين مخلصين لا فاتحين غالبين يسوسونهم بالعسف ويسومونهم سوء العذاب ثم يمنون عليهم بانهم تعبوا في تمدينهم أو يملكون عليهم أراضيهم ثم يسبونهم بانهم لا يحسنون تعميرها.
ترقى البربر في ظل الحكومة العربية. ولكنهم أسرعوا بتطلب الاستقلال قبل قدرتهم عليه. وانما بعثهم على ذلك ما بقي فيهم من عروق الفوضى ومنافسة قبائلهم بعضها لبعض. حتى اذا جاء الدور العبيدي اتموا دروسهم العملية في الحياة النظامية فاصبحوا قادرين على الاستقلال.
وفي القرن الخامس استقل البربر بوطنهم من غير كفران لفضل العرب فكانت حكومات صنهاجة معترفة بالسيادة العباسية أو لفاطمية. ثم ظهرت دولة الموحدين في القرن السادس فلم تعترف بالسيادة للفاطميين أو العباسيين اذ كانت فدولتاهم يومنذ على فراش الاحتضار.
وكان عصر الموحدين هو شباب العصر البربري. اتحد فيه سكان المغرب اجمع تحت راية واحدة وبلغوا من حسن الادارة وانتشار المعارف ورقي الحضارة مبلغا عظيما ثم اخذ هذا العصر في الهرم. حتى غلب الاسبان على كثير من السواحل وجاء الاتراك فقضوا على ما بقي للبربر من استقلال. والحق أن البربر يومئذ ليسوا بأهل للحكم كما ان الاتراك ليسوا باهل للسياسة.