"يا معشر الموحدين أنتم قبائل فمن نابه أمر منكم فزع الى قبيلته، وهؤلاء الطلبة لا قبيل لهم إلا أنا، فمهما نابهم أمر فأنا ملجأهم وإلي فزعهم وإلي ينتسبون". قال صاحب المعجب: فاه المنصور بهذا لما بلغه حسدهم للطلبة على موضعهم منه وتقريبه اياهم وخلوته بهم.
وأظتك إذا صدقت البحث وأجدت النظر لا تجد عصرا تآخت فيه الفلسفة والشريعة كعصر الدولة المؤمنية، فهذا الحفيد ابن رشد أعظم فلاسفة الاسلام تجده ايضا من أعاظم حفظة الشريعة ناهيك بكتابه بداية المجتهد، وكان مقربا لدى المنصور. فلم يحرم الناس مواهبه وكثر تلاميذه، وكان منهم أبو عبد الله محمد بن سحنون الكومي الندرومي من قرية ندرومة.
شملت هذه النهضة العلوم والآداب والصنائع والحرف، فساعدت على انشاء مدنية ان لم تكن أعلى المدنيات فمن أعلاها، قال الشريف الغرناطي في شرح مقصورة حازم.
"ويتعلق بذكر الهالة ما حكاه أبو عبد الله بن عياش كاتب المنصور أبي يوسف يعقوب، قال كان لابي بكر بن مجير وفادة على المنصور في كل سنة. فصادف في احدى وفاداته عليه فراغ المنصور من احداث المقصورة التي كان احدثها بجامعة المتصلة بقصره في حضرة مراكش، وقد وضعت على حركات هندسية ترفع بها لخروجه وتخفض لدخوله، وقد انشده الشعراء في ذلك، فلم يزيدوا على شكره وتجزيته الخير فيما جدد من معالم الدين وآثاره، ولم يتصدوا لوصف الحال فانشد ابن مجير قصيدته التي أولها:
أعلمتني القى عصا التسيار ... في بلدة ليست بدار قراري