للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان العرب يحسنون الاستفادة في أمثال هذه الظروف لتقوية حريتهم وتوسيع مجالات تنقلهم في الشمال والجنوب وكانوا يفترقون حسب افتراق مصالحهم على الدول والملوك.

ونتج عن هذه السياسة ضعف الدول وفقد الامن وقلة الانتاج واستحكام العداوة بين القبائل وطمع اسبانيا في امتلاك المغرب، ولولا قيام الدولة التركية بأساطيلها في وجوه الدول الاروبية للحق المغرب بالاندلس وصقلية. على أن عوامل الافتراق التي غرست في هذا الدور لم تزل تنخر جسمنا الى اليوم.

والمسؤل عن هذه النتائج السيئة هم الحفصيون الذين أسقطوا الدولة المؤمنية حامية الاندلس وآسية العرب. ثم عجزوا عن حفظ المغرب وتوحيده. ثم اضطربت سياستهم مع العرب وقووا أغراضهم في الحياة البدوية بدلا من تمدينهم وتهذيبهم. والعرب بداة لا غرض لهم في الملك. فليس عليهم ضمان في هذه النتائج السياسية التي هي خاصة الملك.

ولعلنا بهذا الفصل وضعنا أساس البحث للناقد البصير في قواعد ابن خلدون الاجتماعية التي وضعها على حساب العرب البداة دون الحفصيين الملوك الذين كان ريشه منهم هواه معهم. يعرف ذلك من عرف حياته ودقق النظر في أساليب تاريخه. فأدرك الفرق بين أسلوبه في الدولة الحفصية وأسلوبه في غيرها. حتى انه أجهد نفسه في تصحيح نسب ابن تومرت في آل البيت ونسب الحفصيين في آل عمر بن الخطاب (رض) مع أنه انكر انسابا هي أقوى من هذين النسبين والكمال لله.

<<  <  ج: ص:  >  >>