وأول شركة صحراوية عرفناها هي شركة المقريين الذين استوطن تلمسان جدهم عبد الرحمن بن ابي بكر صاحب ابي مدين، نقل لسان الدين في الاحاطة عن شيخه ابي عبد الله المقري انه كان لجده ابي بكر بن يحي بن عبد الرحمن اربعة اخوة اشتركوا في التجارة.
ومهدوا طريق الصحراء بحفر الآبار وتأمين التجار، واتخذوا طبلا للرحيل وراية تقدم عند المسير، وكان ابو بكر ومحمد بتلمسان وعبد الرحمن بسجلماسة وعبد الواحد وعلي بايوا لاتن الواقعة في الشمال الغربي لتنبكتو على بعد اربعمائة ميل، فكان التلمساني يبعث الى الصحراوي بما يرسم له من السلع، وذاك يرسل له بالجلد والعاج والجوز والتبر، والسجلماسي بينهما كلسان الميزان يعرفهما بقدر الرجحان والخسران ويكاتبهما باحوال التجار والبلدان فاتسعت أموالهم وعظم شأنهم اهـ.
وقد دخل ليون الافريقي تلمسان اواخر القرن التاسع، فوصف تجارها وارباب الحرف بالنشاط والعفة ورغد العيش. وفضل لباسهم على لباس الفاسيين ولباعة الاقمشة ذراع سلطاني يوجد اليوم بدار الآثار منقوشا على رخامة.
ورقي الفلاحة والتجارة يستدعي رقي الحرف والصناعات وتعدد أنواعها فاختصت كل حرفة بسوقها، واشتهرت تلمسان بالمنسوجات.
فعرف قماش بالتلمساني وهو صوف خالص او حرير خالص مختم وغير مختم. وكان كساء الصوف او البرنوس من ثماني أواق لرقته.
وذكر يحي بن خلدون من انواع الملبوسات الثوب المرعز والقهزي والحرير والملف والذرايع والعمائم والاحاريم. اهـ.
ولسعة الثروة اتسع نطاق المدن. واتخذ الناس حولها القصور تحفها الحدائق تجري من تحتها الجداول. ذكر ليون الافريقي ان