للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يدل عليه، فإنه صرح بأن هذا ليس بأمر، إنما صيغته صيغة الأمر، وإنما هو إطلاق".

لنا: أن عرف الاستعمال في الأمر بعد الحظر الإباحة، بدليل أن أوامر الشرع (١) بعد الحظر للإباحة، كقوله تعالى: {وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا} (٢) {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا} (٣) {فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ} (٤) وقول النبي - صلى الله عليه وسلم - (كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها، ونهيتكم عن ادخار لحوم الأضاحي فوق ثلاث، فامسكوا ما بدا لكم) (٥).

وفي العرف: أن السيد إذا قال لعبده: "لا تأكل هذا الطعام" ثم قال: "كله أو قال لأجنبي: "لا تدخل داري، ولا تأكل من ثماري" ثم قال: "ادخل داري، وكل من ثماري"، اقتضى ذلك رفع الحظر، دون الإيجاب، ولهذا لا يحسن اللوم والتوبيخ على تركه.

تنبيه: الضمير في قول المصنف "فإن ورط" هل يعود إلى الأمر، كما قاله الجمهور، أو إلى اللفظ "افعل" كما قاله القاضي (٦) أبو بكر، فإنه رغب عن عبارة الجمهور وقال: الأولى


(١) بل أغلبها. انظر: الروضة (٢/ ٦١٣).
(٢) آية (٢) من سورة المائدة وفي المخطوط بالفاء (فإذا).
(٣) آية (١٠) من سورة الجمعة.
(٤) آية (٢٢٢) من سورة الجمعة.
(٥) رواه مسلم في كتاب الأضاحي، باب بيان ما كان من النهي عن أكل لحوم الأضاحي بعد ثلاث. . . الخ. برقم: (١٩٧٧).
(٦) انظر: التلخيص (١/ ٢٨٥).