للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ووجه الأول إنما بعد الوقت لم يتناوله الأمر، فلم يجب فيه الفعل كما قبل الوقت.

رد: أن أردت لم يتناوله بلفظ فصحيح، وهذا لا يمنع إيجاب الفعل، كالأمر المطلق لم يتناول بلفظه وقتًا بعينه، ويجب الفعل. وإن أردت لم يتناوله بلفظه ولا بمعناه لم نسلم، لأن حكم الأمر الوجوب، وهو ثابت في ذمته لا يسقط الأمر من المتقدم ذكره وليس هذا منها، وفارق قبل الوقت، لأنه لم يجب عليه فعل الأمور به بحال.

واحتجوا: بأن تخصيصه بالوقت كتخصيصه بالمكان، ولو علق بمكان وتعذر لم يفعل في غيره، فكذا الزمان.

والجواب: ليس الزمان كالمكان (١)، ثم المكان لا يفوت بخلاف الزمان، فوجب القضاء في غيره، فلو قدر تعذر المكان، بأن يصير في لجة بحر وما أشبهه، جاز الفعل في غيره.

قالوا: الحج الفاسد يجب المضي فيه، ويجب القضاء.

قلنا: المفسد لحجه لا يقضي الفاسد، إنما هو مأمور بحج خالٍ عن الفساد، وقد أفسد على نفسه، فيبقى في عهدة الأمر، ويؤمر بالمضي في الفاسد ضرورة الخروج عن الإحرام.

فإن قلنا بعدم السقوط فالقضاء بالأمر الأول. وإن قلنا بالسقوط فالقضاء بأمر جديد.


(١) قال ابن قدامة في الروضة (٢/ ٦٣٠): والفرق بين الزمان والمكان: أن الزمن الثاني تابع للأول، فما ثبت فيه انسحب على جميع الأزمنة التي بعده، بخلاف الأمكنة والأشخاص.