للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

"كليًّا"، فإن العقل يأخذ من مشاهدة زيد "حقيقة الإنسان"، و"حقيقة الرجل" فإذا رأى عمرًا: لم يأخذ منه صورة أخرى، وكان من أخذه من قبل، نسبته إلى عمرو الحادث كنسبته إلى زيد الذي عهده أولًا. فإن سمي عاما بهذا المعنى: فلا بأس".

وجه ما صححه المصنف أن حقيقة العام لغة: شمول أمر لمتعدد، وهو في المعاني، كعم المطر والخصب، وفي المعنى الكلي، لشموله لمعاني الحركات.

واعترض: المراد أمر واحد شامل، وعموم المطر شمول متعدد لمتعدد؛ لأن كل جزء من الأرض يختص بجزء من المطر. وليس هذا بشرط العموم لغة. ولو سلم بعموم الصوت باعتبار واحد شاملًا للأصوات المتعددة الحاصلة لسامعيه، وعموم الأمر والنهي باعتبار واحد وهو الطلب الشامل لكل طلب تعلق بكل مكلف وكذا المعنى الكلي الذهني.

قال الطوفي (١): "والتحقيق من حيث النظر أن العموم حقيقة في الأجسام، لا في الألفاظ، ولا في المعاني، لأن العموم في اللغة الشمول، يقال: هذا الكساء يعم من تحته، أي: يشملهم وإذا كان العموم هو الشمول، فالشمول معنى إضافي لا بد فيه من شامل ومشمول، فإذًا الكساء شامل ومن تحته مشمول. فالعموم حقيقة في الأجسام الشاملة وهو في الألفاظ والمعاني مجاز لوجهين:

أحدهما: أن الأصل عدم مشاركتهما الأجسام في معنى الشمول.


(١) انظر: شرح مختصر الروضة (٢/ ٤٥٤).