للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أن أهل اللغة وافقوا على ما يقوم مقام نصِّهم على أن تعليق الحكم بالغاية، موضوع للدلالة على أن ما بعدها خلاف ما قبلها، لأنهم اتفقوا على أن الغاية ليست كلامًا مستقلًا، فإن قوله تعالى: {حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} (١) وقوله: {حَتَّى يَطْهُرْنَ} (٢) لا بد فيه من إضمار لضرورة تتميم الكلام، وذلك الضمير إمّا ضدُّ ما قَبلَهُ أو غيره، والثاني باطل، أما حمل ما قبله أو عينه والباقي باطل لأنه ليس في الكلام ما يدلى عليه، فتعيَّن الأول، فيُقَدَّرُ حتى يطهرن فاقربوهن، وحتى تنكح فتحل.

قال: والإضمار بمنزلة الملفوظ به لأنه إنما يضمر لسبقه إلى فهم العارف باللسان (٣) وعلى ذلك جرى صاحب البديع (٤) من الحنفية فقال: هو عندنا من قبيل دلالة الإشارة لا المفهوم (٥) والجمهور أنه من قبيل المفهوم كالشرط والصفة (٦).


(١) سورة البقرة (٢٣٠).
(٢) سورة البقرة (٢٢٢).
(٣) انظر: التقريب والإرشاد للباقلاني (٣/ ٣٥٩)، والتقرير والتحبير لابن أمير الحاج (١/ ١١٧).
(٤) هو: الإمام مظفر الدين أحمد بن علي بن تغلب بن الساعاتي. إمام عصره، فقيه، وأصولي، كان عارفًا بالمنقول والمعقول، تولى التدريس بالمستنصرية توفي ٦٩٤ هـ له مجمع البحرين في الفقه وهو مطبوع. انظر: الجواهر المضية للقرشي (١/ ٢٠٨)، والطبقات السنية للغزي (١/ ٤٠٠).
(٥) بديع النظام لابن الساعاتي (٢/ ٥٧١). وكتاب: بديع النظام الجامع بين أصول البرذوي والإحكام ويسمى: نهاية الوصول إلى علم الأصول. جمع فيه ابن الساعاتي بين طريقة المتكلمين والأحناف، لخَّصه من كتابي الإحكام للآمدي، وكتاب أصول فخر الإسلام للبزدوي. وهو من مطبوعات إحياء التراث، بجامعة أم القرى، بتحقيق د. سعد بن غرير السلمي ١٤١٨ هـ. انظر: انظر: بديع النظام لابن الساعاتي (١/ ٣)، وكتابة البحث العلمي، عبد الوهاب أبو سليمان ص (٤٤٤).
(٦) انظر: أصول ابن مفلح (٣/ ١٠٩٤)، والتحبير للمرداوي (٦/ ٢٩٣٥).