(٢) يتناول العلماء في معنى القياس ثلاثة أقوال: الأول: ما ذهب إليه الآمدي والأسنوي، وابن قدامة، أن القياس في اللغة حقيقة في التقدير مجاز في المساواة. ولهذا يقال: فلان يقاس بفلان ولا يقاس به، أي: يساويه ولا يساويه، وهو المختار عند الجراعي؛ لأنه ذكره واكتفى به، وهو خلاف الجمهور. الثاني: أن القياس مشترك لفظي بين التقدير والمساواة والمجموع بينهما؛ لأن لفظ القياس استعمل في (التقدير) وفي (المساواة) والأصل في الاستعمال الحقيقة. الثالث: أن القياس مشترك معنوي بين التقدير والمساواة. فهو حقيقة في التقدير وتحته فردان: الأول: طلب معرفة مقدار الشيء. مثل: قست الثوب بالذراع؛ والثاني: التسوية في مقدار الشيء. مثل: قست النعل بالنعل. فصار التقدير كليّ تحته فردان، وهو يصدق عليهما صدق الإنسان على أفراده، فهو مشترك معنوي وهذا قول الكمال ابن الهمام، والذي عليه أكثر العلماء وهو الصواب؛ لأن القياس إما أن يكون حقيقة في التقدير، مجاز في المساواة أو هو مشترك لفظي، أو مشترك معنوي. والقاعدة عند العلماء: أن الأمر إذا دار بين الاشتراك اللفظي والمعنوي قُدّم الاشتراك المعنوي، لاحتياج الاشتراك اللفظي إلى قرينة تبين المراد، وإذا دار الأمر بين الحقيقة والمجاز قدمت الحقيقة، لأن المجاز يحتاج إلى قرينة. فإذا انتفى الاشتراك اللفظي والمجاز، تبين أن لفظ القياس مشترك معنوي. والخلاف هنا معنوي. =