للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تخلف حكمها عنها يدل على عدم عليتها، أو على عدم كونها علة، لوجهين: أحدهما أن انتفاء الحكم لانتفاء عليته موافقٌ للأصل، وحمل الانتفاء على وفق الأصل أولى من حملها على خلافه.

الثاني: أن وصف الحكم من حيث هو: إما أن يكون مستلزمًا للعلية أو لا، فإن كان مستلزمًا للعلية لزم وجود الحكم معه في جميع صوره، وإن لم يكن مستلزمًا لم يكن علة حتى [ينضاف] (١) إلى غيره، والتقدير أنه علّة هذا خُلْفٌ، واحتج الثاني: وهو الذي أجاز تخصيصها، وتخلف حكمها عنها في بعض صورها، بأن علل الشرع معرفات لا مؤثرات، واذا كانت أمارات لم يشترط فيها ذلك، لأن الأمارة لا يجب وجود حكمها معها أبدًا، بل يكفي وجوده معها في الأغلب الأكثر، كالغيم الرطب أمارة على المطر، وإن تخلف عنه في بعض الأوقات، وكون مركوب القاضي على باب الأمير أمارة على أنه عنده، وإن تخلف ذلك في بعض الصور (٢).

فعلى هذا القول (٣): هل تبقى بعد تخصيصها حجة كالعموم؟ أم مع وجود المانع في الفرع؟ أم كانت منصوصة؟ على مذاهب (٤):


(١) ما بين المعقوفتين كلمة غير مقروءة في الأصل وما أثبت من شرح مختصر الروضة للطوفي (٣/ ٣٢٤).
(٢) انظر: التمهيد لأبي الخطاب (٤/ ٧٢)، روضة الناظر لابن قدامة (٣/ ٨٩٨).
(٣) أي: على القول بتخصيص العلة.
(٤) اكتفى المصنف بذكر الأقوال الثلاثة، وقد نقل ابن السبكي في رفع الحاجب، والمرداوي في التحبير عشرة أقوال: "فقال: فلأحمد روايتان والقاضي أبي يعلى قولان، وفي المسألة عشرة أقوال".=