للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لتأثيرها، والتسليم بعد المنع مقبول لأن فائدة المناظرة رجوع أحد الخصمين إلى قول الآخر بعد إنكاره عند ظهور الحق، بخلاف العكس، وهو: المنع بعد التسليم؛ لأنه إذا اعترف به لا يفيد منعه بعد ذلك لما يؤدي, في انتشار الكلام (١).

والمدارك: جمع مَدرك -بفتح الميم- وهو الطريق الذي يتوصل به إلى إدراك الشيء (٢). فإذا حصر المعترض الطرق التي يمكن التّوصّل بها إلى معرفة كون الوصف الذي ادعاه المستدل علّة، وألغاها جميعًا، واستقرَّ ذلك له؛ بطل التعليل، أَذَكَره المستدل وإلا فله تصحيحُ ما ادّعاه بالقدحِ في ما ذكره المعترض, هذا تفسير كلام المصنف وقد علمت ما فيه.

قوله: وشرطه صحة انقسام ما ذكره المستدلّ إلى ممنوع ومسلم، وإلا كان مكابرةً. وحصره لجميع الأقسام، وإلا جاز أن ينهض الخارجُ عنها بغرض المستدلّ، ومطابقته لما ذكره، فلو زاد عليه لكان مناظرًا لنفسه لا للمستدل (٣).

يشترط لصحة وروده ثلاثة أمور (٤):

أحدهما: انقسام ما ذكره المستدل إلى أمرين فصاعدًا بعضها


(١) انظر: روضة الناظر لابن قدامة (٣/ ٩٣٥)، شرح مختصر الروضة للطوفي (٣/ ٤٩٠).
(٢) انظر: مادة "درَك" في لسان العرب لابن منظور (١٠/ ٤١٩).
(٣) مختصر أصول الفقه لابن اللحام ص (١٥٣).
(٤) انظر هذه الشروط في: روضة الناظر لابن قدامة (٣/ ٩٣٥)، وشرح مختصر الروضة للطوفي (٣/ ٤٩٣).