للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

موتاهم في النار يعذبون على كفرهم (١)؛ ولولا التكليفُ لما عُذِّبوا فهو عليه الصلاة والسلام مُتعبَّد بشرع من قبله -بفتح الباء- بمعنى مكلف، هذا لا مرية فيه، إنما الخلاف في الفروع خاصَّة؛ فعموم إطلاق العلماء مخصوص بالإجماع" (٢).

التنبيه الثالث: قال المازري (٣) والأبياري (٤) في شرح


(١) القول بانعقاد الإجماع على أن موتى الجاهلية في النار، مسألة فيها نظر: فإن بعضًا من أهل العلم ذهب إلى اعتبارهم من أهل الفترة: وهم الذين عاشوا بين رسولين، فالأول لم يكن مرسلًا إليهم، وهم لم يدركوا الرسول الثاني، وحكمهم في الدنيا أنهم كفّار، ولكن لا يُقطع بدخولهم النار، إلا ما ورد في المعيّن منهم بأحاديث خاصّة بتعذيبهم، لِعِلم الله تعالى بمصيرهم وإعلامه لنبيه -صلى الله عليه وسلم- بذلك. والأدلة على عدم تعذيبهم قوله تعالى: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} [الإسراء: ١٥]، فلا مؤاخذة إلا بعد قيام الحجة عليهم، وقد وردت أحاديث تفيد بامتحان الله لأهل الفترة في عرصات يوم القيامة، انظر شرح الأبيّ على صحيح مسلم (١/ ١٦٦)، وطريق الهجريتين وباب السعادتين لابن القيم ص (٦٣٣، ٦٥٢)، وروح المعاني للآلوسي (٨/ ٣٨).
(٢) انظر: شرح تنقيح الفصول للقرافي ص (٢٩٧).
(٣) هو: محمد بن علي التميمي المازري، أبو عبد الله، نسبةً إلى مدينة مازر بجزيرة صقلية، فقيه مالكي، بلغ رتبة المجتهدين، وأصولي، وأديب، وطبيب، وعالم في الرياضيات، توفي سنة ٥٣٦ هـ. له شرح على البرهان للجويني اسمه إيضاح المحصول من برهان الأصول، ولا يعرف عنه هل هو مخطوط؟ أم مفقود؟ وله في شرح صحيح مسلم كتاب المُعْلِم بفوائد كتاب مسلم وهو مطبوع انظر: الديباج المذهب لابن فرحون ص (٣٧٤)، ووفيات الأعيان لابن خلكان (٤/ ٢٨٥).
(٤) انظر: التحقيق والبيان في شرح البرهان للأبياري، رسالة جامعية القسم الأول، ص: (٦٨٨). والأبياري هو: أبو الحسن علي بن إسماعيل بن علي بن عطية، شمس الدين، والأبياري نسبةً إلى بلدة أبيار بمديرية الغربية بمصر، =