للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

للمعتزلة، فاعتبر الجبائي، وابنه، إرادة الدلالة، وبعضهم: إرادة الفعل ولا يشترط الإرادة لغة إجماعًا.

مذهب الفقهاء (١): أن الأمر أمر بصيغته، ولا يعتبر معه إرادة أخرى؛ لأن هذه الصيغة وضعت لمعنى، فلا يفتقر في إفادتها إفادة الإرادة، كسائر الألفاظ الدالة على معانيها.

واختلف المعتزلة بينهم، فذهب أبو علي الجبائي، وابنه أبو هاشم، وعبد الجبار (٢)، وأبو الحسين (٣)، إلى اعتبار إرادة الدلالة بها على الأمر، وعلى هذا قالوا: لا تكون صيغة التهديد أمرًا، ولا يكون المعلوم من الله تعالى موته على الكفر مأمورًا بالإيمان؛ لانتفاء الدلالة على المطلب، فإن شرط الدلالة على المطلب، كون المدلول عليه بالصيغة مراد، فحيث لم يرد، لم تكن الصيغة دالة على المطلب، لانتفاء شرطه، واحتجوا بأن الصيغة كما ترد للطلب ترد للتهديد مع خلوه عن المطلب، فلا بد من مميز بينهما، ولا مميز سوى الإرادة.

وأجيب: بأن المميز حاصل بدون الإرادة؛ لأن صيغة الأمر حقيقة فيه (٤) مجاز في غيره، كالتهديد وأخواته، وهذا كاف في التميز.


(١) انظر: تشنيف المسامع (٢/ ٥٧٨ - ٥٧٩).
(٢) انظر: المغني للقاضي عبد الجبار (١٧/ ١٠٧).
(٣) انظر: المعتمد (١/ ٤٧).
(٤) أي: في القول - والقول هو الطالب وهو صيغة الأمر "افعل" - مجاز في الفعل.
انظر: تشنيف المسامع (٢/ ٥٧٩).