للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأيضًا: فإن الله تعالى أمر إبراهيم - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بذبح ولده (١)، ولم يرد ذلك؛ لأنه لو أراده لفعل، فإنه سبحانه وتعالى فعّال لما يريد، فدل على أنه لم يرده.

تنيه: ذكر ابن برهان (٢) أن الإرادات ثلاث، أحدها: إرادة إيجاد الصيغة، احترازًا عن النائم قال: وهو متفق على اعتباره.

وثانيها: إرادة صرف اللفظ عن غير جهة الأمر (٣)، احتراز من التهديد، واختلف فيها فاعتبرها المتكلمون من أرباب مذهبه، ولم يعتبرها الفقهاء، وقالوا: الصيغة محمولة على الأمر (٤).

وثالثها: إرادة فعل المأمور به والامتثال (٥) (٦)


(١) وذلك في قوله تعالى: {يَابُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ} [الصافات: ١٠٢].
(٢) في كتابه "الأوسط" وهو مفقود، انظر قوله في تشنيف المسامع (٢/ ٥٨٠)، البحر المحيط (٢/ ٩٨).
(٣) إلى جهة الأمر. انظر: سلاسل الذهب ص (٢٣٠، ٢٤٠)، وتشنيف المسامع (٢/ ٥٨٠).
(٤) قال في البحر المحيط (٢/ ٩٨): إذا تجردت عن القرائن حملت عليه.
(٥) قال في سلاسل الذهب ص (٢٠٤): فاتفق علماؤنا على أنها لا تعتبر، واعتبرها أكثر المعتزلة.
(٦) قال الزركشي: احتراز عن الحاكي المبلّغ. انظر: المصادر السابقة.
ونقل عن ابن برهان أنه قال: وهذا يبنى على أصل كبير بيننا وبينهم، وهو أن الكائنات بأسرها وما يجري في العالم عندنا لا يكون إلا بإرادة الله تعالى من خير وشر ونفع وضر وإيمان وكفر، وما لم يرده الله أن يكون لا يتصور تكونه، ولهذا أمر إبليس بالسجود ولم يرده، إذ لو أراده لسجد.
وعند المعتزلة: أمره وأراده منه، فلما لم يفعل عصى وكفر، وكذلك أمر الكفار بالإيمان. =