للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال أبو الفرج بن الجوزي: ترك الطاعات خوفًا من الرياء فإن كان الباعث له على الطاعة غير الدين فهذا ينبغي أن يترك؛ لأنَّه معصية، وإن كان الباعث على ذلك الدين وكان ذلك لأجل الله ﷿ مخلصًا فلا ينبغي أن يترك العمل؛ لأنَّ الباعث الدين، وكذلك إذا ترك العمل خوفًا من أن يقال: مراء، فلا ينبغي ذلك لأنَّه من مكايد الشيطان (١).

وقال النووي: لا ينبغي أن يترك الذكر باللسان مع القلب خوفًا من أن يظن به الرياء، بل يذكر بهما جميعًا ويقصد به وجه الله تعالى، وقد قدمنا عن الفضيل : أن ترك العمل لأجل الناس رياء.

ولو فتح الإنسان عليه باب ملاحظة الناس، والاحتراز من تطرق ظنونهم الباطلة لا نسد عليه أكثر أبواب الخير، وضيع على نفسه شيئًا عظيمًا من مهمات الدين، وليس هذا طريق العارفين (٢).

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: من كان له ورد مشروع من صلاة الضحى أو قيام ليل أو غير ذلك فإنَّه يصليه حيث كان ولا ينبغي له أن يدع ورده المشروع لأجل كونه بين الناس إذا علم الله من قلبه أنَّه يفعله سرًا لله مع اجتهاده في سلامته من الرياء ومفسدات الإخلاص؛ ولهذا قال الفضيل بن عياض: … وفعله في مكانه الذي تكون فيه معيشته التي يستعين بها على عبادة الله خير له من أن يفعله حيث تتعطل معيشته ويشتغل قلبه بسبب ذلك فإنَّ الصلاة كلما كانت أجمع للقلب وأبعد من الوسواس كانت أكمل (٣).

وما روي عن حبيب بن أبي ثابت عن كريب عن ابن عباس : «وأردت أن أقوم فأصب عليه فخفت أن يدع الليلة من أجلي» ورواية حبيب بن أبي ثابت عن ابن عباس : «فأردت أن أقوم فأصب عليه، فخشيت أن يذر شيئًا من عمله» لا تصحان والمحفوظ أنَّ ابن عباس كان مستيقظًا لكنَّه تظاهر بالنوم كراهة أن


(١) انظر: الآداب الشرعية (١/ ٢٨٣) ومختصر منهاج القاصدين ص: (٢٨٦).
(٢) الأذكار ص: (١٠).
(٣) مجموع الفتاوى (٢٣/ ١٧٤).

<<  <   >  >>