للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[حكم قيام الليل]

تحرير محل الخلاف: خلاف أهل العلم في حكم القيام في حق النبي مشهور وكذلك الخلاف في حكم الوتر على الأمة واختلفوا في حكم قيام الليل على الأمة هل انعقد الإجماع على عدم وجوبه على الأمة أمَّ لا هذا ما أحاول الإجابة عليه.

قال بوجوب القيام الحسن البصري والظاهر أنَّه يخصه بحفاظ القرآن فعن أبي رجاء محمد بن يوسف، قال. قلت للحسن: يا أبا سعيد ما تقول في رجل قد استظهر القرآن كله عن ظهر قلبه، فلا يقوم به، إنَّما يصلي المكتوبة، قال: «يتوسد القرآن، لعن الله ذاك؛ قال الله للعبد الصالح: ﴿وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ لِمَا عَلَّمْنَاهُ﴾ [يوسف: ٦٨] ﴿وَعُلِّمْتُمْ مَا لَمْ تَعْلَمُوا أَنْتُمْ وَلَا آبَاؤُكُمْ﴾ [الأنعام: ٩١]» قلت: يا أبا سعيد قال الله: ﴿فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ﴾ [المزمل: ٢٠] قال: «نعم، ولو خمسين آية» (١).

ونُسِب القولُ بالوجوب لمحمد بن سيرين (٢) والذي وقفت عليه أنَّه يرى


(١) قال الطبري في تفسيره (٢٩/ ٨٨) حدثني يعقوب، قال: ثنا ابن علية، عن أبي رجاء محمد، قال. قلت للحسن: فذكره إسناده صحيح. يعقوب هو ابن إبراهيم الدورقي وابن علية هو إسماعيل بن إبراهيم.
ورواه ابن أبي شيبة (٢/ ٢٧١) حدثنا هشيم، قال: أخبرنا أبو الأشهب، عن الحسن، قال: «صلوا من الليل ولو قدر حلب شاة» وإسناده صحيح.
هشيم هو ابن بشير وأبو الأشهب هو جعفر بن حيان.
وهذه الرواية ليست صريحة في الوجوب ورواه الطبري (٢٩/ ٨٠) قال [ابن حميد]: ثنا مهران، عن سفيان، عن جرير بياع الملاء، عن الحسن، قال: «الحمد لله تطوع بعد فريضة» وجرير بياع الملاء لم أعرفه. وهذه الرواية صريحة في عدم الوجوب ولو صحت فتحمل على غير الحافظ والوجوب يحمل على الحافظ والله أعلم. انظر: فتح الباري لابن رجب (٩/ ١٢١) وفتح الباري لابن حجر (٣/ ٢٧).
(٢) قال ابن حجر في الفتح (٣/ ٢٧) قال ابن عبد البر شذ بعض التابعين فأوجب قيام الليل ولو قدر حلب شاة … ونقله غيره عن الحسن وابن سيرين والذي وجدناه عن الحسن ما أخرجه محمد بن نصر [حذف المقريزي إسناده في المختصر ص: (١٢)] وغيره عنه أنَّه قيل له ما تقول في رجل استظهر القرآن كله … وكان هذا هو مستند من نقل عن الحسن الوجوب ونقل الترمذي عن إسحاق بن راهويه أنَّه قال إنَّما قيام الليل على أصحاب القرآن وهذا يخصص ما نقل عن الحسن وهو أقرب وليس فيه تصريح بالوجوب أيضًا.
قال أبو عبد الرحمن: الظاهر أنَّ ابن حجر لم يقف على ما نسب لابن سيرين من القول بالوجوب والله أعلم.
وانظر: التسهيل لعلوم التنزيل (٢/ ٤٢٦) والإكليل في استنباط التنزيل ص: (٢٧٦) وفتح الباري لابن رجب (٩/ ١٢١).

<<  <   >  >>