للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[السواك في المسجد]

تقدم الكلام على مسألة السواك للصلاة وهذه المسألة حكم السواك في المسجد سواء أراد الصلاة أو لا.

لأهل العلم في هذه المسألة قولان: قول بالكراهة وقول بالاستحباب.

القول الأول: يكره السواك في المسجد: وهو مذهب الأحناف (١) والمالكية (٢).

تنبيه: تقدم أنَّ مذهب الأحناف استحباب السواك للوضوء لا للصلاة ومذهب المالكية استحباب السواك للحاجة.

الدليل الأول: عن أنس بن مالك قال: بينما نحن في المسجد مع رسول الله إذ جاء أعرابي فقام يبول في المسجد، فقال أصحاب رسول الله : مَهْ مَهْ، قال: قال رسول الله : «لَا تُزْرِمُوهُ دَعُوهُ» فتركوه حتى بال، ثم إنَّ رسول الله دعاه فقال له: «إِنَّ هَذِهِ الْمَسَاجِدَ لَا تَصْلُحُ لِشَيْءٍ مِنْ هَذَا الْبَوْلِ، وَلَا الْقَذَرِ إِنَّمَا هِيَ لِذِكْرِ اللهِ ﷿، وَالصَّلَاةِ وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ» أو كما قال رسول الله قال: «فأمر رجلًا من القوم فجاء بدلو من ماء فشنه عليه» (٣).


(١) قال أبو سعيد محمد بن محمد الحنفي في بريقة محمودية (٤/ ١٨٨) صرح بعضهم بكراهة الاستياك في المسجد؛ لأنَّه ربما يجرح الفم.
وقال ابن نجيم في البحر الرائق (١/ ٤٢) قولهم يستحب عند القيام إلى الصلاة ينافي ما نقلوه من أنَّه عندنا للوضوء لا للصلاة خلافًا للشافعي وعلله السراج الهندي في شرح الهداية بأنَّه إذا استاك للصلاة ربما يخرج منه دم، وهو نجس بالإجماع.
وانظر: حاشية ابن عابدين (١/ ٢٣٣) والبناية (١/ ١٤٥).
قال أبو عبد الرحمن: دعوى الإجماع على نجاسة الدم ناقشتها في غاية المقتصدين شرح منهج السالكين (١/ ٦٣).
(٢) قال الفاكهي في رياض الأفهام (١/ ٢٧٨) مذهبنا: كراهة الاستياك في المسجد؛ خشية أن يخرج من فيه دم ونحوه مما ينزه المسجد عنه. وانظر: المفهم (١/ ٥٠٩) وأسهل المدارك (٢/ ٣٨٩) والفواكه الدواني (١/ ٢١٢).
(٣) رواه البخاري (٢١٩) ومسلم (٢٨٥) واللفظ له.
مَهْ اسم فعل بمعنى اكفف. انظر: شرح ابن عقيل (٢/ ١٤٧).
لَا تُزْرِمُوهُ: لا تقطعوا بوله عليه. انظر: مشارق الأنوار (١/ ٣١٠).

<<  <   >  >>