للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الدليل العاشر: عن أبي هريرة ، أنَّ رسول الله كان يقول: «فِي سُجُودِهِ اللهُمَّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي كُلَّهُ دِقَّهُ، وَجِلَّهُ، وَأَوَّلَهُ وَآخِرَهُ وَعَلَانِيَتَهُ وَسِرَّهُ» (١).

الدليل الحادي عشر: في حديث عبد الله بن مسعود، : «إِلَّا أَنَّ اللهَ أَعَانَنِي عَلَيْهِ فَأَسْلَم، فَلَا يَأْمُرُنِي إِلَّا بِخَيْرٍ».

الدليل الثاني عشر: في حديث شريك بن طارق : «وَلِي، إِلَّا أَنَّ اللَّهَ أَعَانَنِي عَلَيْهِ فَأَسْلَم».

وجه الاستدلال: ظاهر نصوص الكتاب والسنة السابقة وغيرها أنَّ النبي قد يقع منه اللَّمَم فيكون قوله في الأحاديث السابقة «فأسلمُ» أفعل تفضيل أي: فأنا أسلمُ منكم ففي أغلب الأوقات «لا يأمرني إلا بخير» فيحمل النفي على أعم الأوقات (٢). فلا بد من الجمع بين النصوص التي ظاهرها التعارض فجمهور المتقدمين على وقوع الصغائر من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام لكنَّهم لا يقرون عليها.

قال القاضي عياض: أجمع المسلمون على عصمة الأنبياء من الفواحش والكبائر الموبقات … وأمَّا الصغائر .. فجوزها جماعة من السلف وغيرهم على الأنبياء وهو مذهب أبي جعفر الطبري وغيره من الفقهاء والمحدثين والمتكلمين … وذهبت طائفة أخرى من المحققين من الفقهاء والمتكلمين إلى عصمتهم من الصغائر كعصمتهم من الكبائر … من جوز الصغائر ومن نفاها عن نبينا مجمعون على أنَّه لا يقر على منكر من قول أو فعل (٣).

وقال القرطبي: قال الطبري وغيره من الفقهاء والمتكلمين والمحدثين: تقع الصغائر منهم. خلافًا للرافضة حيث قالوا: إنَّهم معصومون من جميع ذلك، واحتجوا بما وقع من ذلك في التنزيل وثبت من تنصلهم من ذلك في الحديث،


(١) رواه مسلم (٤٨٣).
(٢) انظر: شرح المصابيح (١/ ٨٥) ومبارق الأزهار شرح مشارق الأنوار (٢/ ١٢٨) ومرقاة المفاتيح (١/ ١٣٨).
(٣) الشفا (٢/ ٣٢٧ - ٣٣٢). وانظر: إكمال المعلم (١/ ٥٧٣ - ٥٧٤).

<<  <   >  >>