للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذا ظاهر لا خفاء فيه. وقال جمهور من الفقهاء من أصحاب مالك (١) وأبي حنيفة (٢) والشافعي (٣): إنِّهم معصومون من الصغائر كلها كعصمتهم من الكبائر أجمعها، لأنَّا أمرنا باتباعهم … (٤).

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: القول بأنَّ الأنبياء معصومون عن الكبائر دون الصغائر هو قول أكثر علماء الإسلام وجميع الطوائف حتى إنِّه قول أكثر أهل الكلام كما ذكر أبو الحسن الآمدي أنَّ هذا قول أكثر الأشعرية وهو أيضًا قول أكثر أهل التفسير والحديث والفقهاء بل هو [هكذا هو ولعلها زائدة] لم ينقل عن السلف والأئمة والصحابة والتابعين وتابعيهم إلا ما يوافق هذا القول ولم ينقل عنهم ما يوافق القول [قال جامع الفتاوى: بياض قدر ستة أسطر] وإنَّما نقل ذلك القول في العصر المتقدم عن الرافضة ثم عن بعض المعتزلة (٥) ثم وافقهم عليه طائفة من المتأخرين. وعامة ما ينقل عن جمهور العلماء أنَّهم غير [الظاهر أنَّ (غير) زائدة] معصومين عن الإقرار على الصغائر ولا يقرون عليها ولا يقولون إنِّها لا تقع بحال وأول من نقل عنهم من طوائف الأمة القول بالعصمة مطلقًا وأعظمهم قولًا لذلك: الرافضة فإنِّهم يقولون بالعصمة حتى ما يقع على سبيل النسيان والسهو والتأويل (٦) والقول الذي عليه جمهور الناس وهو الموافق


(١) قال ابن العربي في أحكام القرآن (٤/ ٥١) الأنبياء معصومون عن الكبائر إجماعًا، وفي الصغائر اختلاف؛ وأنا أقول: إنِّهم معصومون عن الصغائر والكبائر، لوجوه بيناها في كتاب النبوات من أصول الدين.
(٢) قال الكاساني - في بدائع الصنائع (٣/ ١٨) الأنبياء عليهم الصلاة والسلام معصومون عن الكبائر والمعاصي.
(٣) قال أبو يحيى زكريا الأنصاري - في أسنى المطالب (٤/ ١٧٥) -: (والأنبياء معصومون قبل النبوة من الكفر وفي) عصمتهم قبلها من (المعاصي خلاف و) هم معصومون (بعدها من الكبائر) ومن كل ما يزري بالمروءة (وكذا) من (الصغائر) ولو سهوًا (عند المحققين) لكرامتهم على الله تعالى أن يصدر عنهم شيء منها وتأولوا الظواهر الواردة فيها وجوز الأكثرون صدورها عنهم سهوًا إلا الدالة على الخسة كسرقة لقمة.
(٤) تفسير القرطبي (١/ ٢١١). وانظر بقية كلامه.
(٥) انظر: عصمة الأنبياء للرازي ص: (٢٧).
(٦) مجموع الفتاوى (٤/ ٣١٩ - ٣٢٠).

<<  <   >  >>