للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

للآثار المنقولة عن السلف إثبات العصمة من الإقرار على الذنوب مطلقًا والرد على من يقول إنِّه يجوز إقرارهم عليها وحجج القائلين بالعصمة إذا حررت إنَّما تدل على هذا القول. وحجج النفاة لا تدل على وقوع ذنب أقر عليه الأنبياء فإنَّ القائلين بالعصمة احتجوا بأنَّ التأسي بهم مشروع وذلك لا يجوز إلا مع تجويز كون الأفعال ذنوبًا ومعلوم أنَّ التأسي بهم إنَّما هو مشروع فيما أقروا عليه دون ما نهوا عنه ورجعوا عنه (١). وكذلك ما احتجوا به من أنَّ الذنوب تنافي الكمال أو أنَّها ممن عظمت عليه النعمة أقبح. أو أنَّها توجب التنفير أو نحو ذلك من الحجج العقلية فهذا إنَّما يكون مع البقاء على ذلك وعدم الرجوع وإلا فالتوبة النصوح التي يقبلها الله يرفع بها صاحبها إلى أعظم مما كان عليه (٢).

وقال شيخنا محمد العثيمين: النبي تجوز عليه الذنوب … ، لكن هناك ذنوبًا لا يمكن أن تقع من النبي … الرسل قد يقع منهم الذنب لكنَّهم معصومون من الاستمرار فيه (٣).

القول الخامس: التوقف: هذا رأي الإمام أحمد (٤).

القول السادس: جواز الأمرين: اختاره ابن هبيرة (٥).

الترجيح: كثرة الأقوال في هذه المسألة وتوقف الإمام أحمد فيها يدل على تعارض الأدلة فيها وصعوبة الترجيح.

ومع ذلك - فأشارك برأيي في المسألة - فالذي يترجح لي أنَّ عودة الضمير في أسلم للنبي وسلامته في الحديث ليست مطلقة فيسلم في أغلب الأوقات - سواء قلنا إنَّ أسلم فعلُ ماضٍ أو مضارع أو اسم تفضيل حيث لا يوجد ما يمنع


(١) مجموع الفتاوى (٤/ ٢٩٢). وانظر: منهاج السنة (٢/ ٤٠١ - ٤١٤).
(٢) مجموع الفتاوى (٤/ ٢٩٣). وانظر بقية كلامه.
(٣) فتح ذي الجلال والإكرام (٣/ ٢٢٨).
(٤) قال الخلال في السنة (١/ ١٩١) قال أبو عبد الله، قال النبي : «ما منكم من أحد إلا ومعه شيطان» قالوا: ولا أنت يا رسول الله، قال: «ولا أنا، إلا أنَّ الله أعانني عليه فأسلم». قال أبو عبد الله: لا أدري هو يسلم منه أو إبليس أسلم، قلت: إنَّ قومًا يقولون إنَّ النبي يسلم منه، قال: لا أدري.
(٥) انظر: الإفصاح (٢/ ١٢٢).

<<  <   >  >>