للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[حكم الإكثار من الماء في طهارة الحدث]

أجمع أهل العلم على النهي عن الإسراف في ماء الطهارة واختلفوا هل هو على سبيل التحريم أو الكراهة على قولين (١):

القول الأول: يحرم إكثار الماء: قال به بعض الأحناف (٢) وبعض الشافعية (٣) وبعض الحنابلة (٤).

الدليل الأول: قوله تعالى: ﴿وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ﴾ [الأعراف: ٣١].

وجه الاستدلال: يدخل في الآية الإسراف في ماء الطهارة.

الرد من وجهين:

الأول: الإسراف مجاوزة الحد والنبي لم يحد حدًا في مقدار الطهارة ونهى عن تجاوزه إنَّما أقتصد بماء الطهارة وهذا على سبيل الاستحباب لا الوجوب والله أعلم.

الثاني: لا يتلف المال بكثرة صب الماء ولا يتضرر البدن كما يحصل بالإسراف في المأكل والمشرب.

الدليل الثاني: عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده قال: جاء أعرابي إلى النبي يسأله عن الوضوء؟ فأراه ثلاثًا، ثلاثًا قال: «هَذَا الْوُضُوءُ فَمَنْ زَادَ عَلَى هَذَا فَقَدْ أَسَاءَ وَتَعَدَّى وَظَلَمَ» (٥).


(١) انظر: رياض الأفهام (١/ ٤٢٢) والعدة شرح عمدة الأحكام (١/ ٢٣٥)
(٢) انظر: حاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح ص: (٨٠).
(٣) انظر: المجموع (٢/ ١٩٠) والنجم الوهاج في شرح المنهاج (١/ ٣٥٨).
(٤) انظر: ذم الموسوسين ص: (٧٥ - ٧٦).
(٥) رواه أحمد (٦٦٤٦) وأبو داود (١٣٥) والنسائي (١٤٠) وابن ماجه (٤٢٢) بإسناد حسن.
وفي إسناده: يعلى بن عبيد بن أبي أمية: ثقة، وفي حديثه عن الثوري لين وهذا منه، لكن توبع في رواية أبي داود.
وصحح الحديث: ابن خزيمة (١٧٤) والنووي في المجموع (١/ ٤٣٨) وابن حجر في التلخيص (٨٢) وابن الملقن في البدر المنير (٣/ ٣٣٤) والشوكاني في نيل الأوطار (١/ ١٦٨) والألباني في صحيح ابن ماجه (٣٣٣٩) وحسنه أبو المحاسن المرداوي في كفاية المستقنع (٩٠) وصحح إسناده أحمد شاكر في تعليقه على المسند (٦٦٨٤).
في رواية أبي داود: « … فَمَنْ زَادَ عَلَى هَذَا أَوْ نَقَصَ … » قوله: أو نقص زيادة شاذة من رواية أبي عوانة وهو ثبت إذا حدث من كتابه، وإذا حدث من غير كتابه ربما وهم، فلعلها من أوهامه، والله أعلم. ووجهها بعض أهل العلم كالبيهقي في السنن الكبرى (١/ ٧٩) بنقص غسل العضو كله أو بعضه قال البيهقي: يحتمل أن يريد به نقصان العضو.

<<  <   >  >>