للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثانيًا: نوم القاعد

اختلفوا فيه على قولين قول بالتفريق بين القليل والكثير وقول بعدم الانتقاض مطقًا:

القول الأول: ينقض كثيره دون قليله: روي عن ابن عباس وقال به محمد بن مسلم الزهري (١) وهو رواية عن مالك (٢) وهو مذهب الحنابلة (٣) ونسب للأوزاعي (٤).

الدليل الأول: عن صفوان بن عسال ، قال: «كان رسول الله يأمرنا إذا كنا سَفْرا أن لا ننزع خفافنا ثلاثة أيام ولياليهن، إلا من جنابة، ولكن من غائط وبول ونوم».

وجه الاستدلال: دل الحديث على انتقاض الوضوء بالنوم ويخص بالكثير لخروج القليل بالأحاديث التي يستدل بها على عدم انتقاض نوم القاعد مطلقًا (٥).


(١) رواه عبد الرزاق (٤٨٠) عن معمر، عن الزهري قال: «إذا نام وهو جالس نومًا مثقلًا أعاد الوضوء، فأمَّا إذا كان تغفيفًا فلا بأس» وإسناده صحيح.
وقال ابن وهب - المدونة (١/ ١٠) - عن يونس بن يزيد عن ابن شهاب قال: «إنَّ السنة فيمن نام راكعًا أو ساجدًا فعليه الوضوء» مرسل رواته ثقات. يونس بن يزيد هو الأيلي.
ورواه أبو عبيد القاسم بن سلام في غريب الحديث (٢/ ١٢٩): أخبرني محمد بن كثير، عن الأوزاعي، عن الزهري، قال: «كانوا لا يرون بغرار النوم بأسًا» - يعني أنَّه لا ينقض الوضوء - وإسناده ضعيف.
محمد بن كثير بن أبي عطاء المصيصي قال ابن حجر: صدوق كثير الغلط.
قال البغوي في شرح السنة (١/ ٣٣٩) أراد بغرار النوم: قلته.
(٢) قال القاضي عبد الوهاب في التلقين ص: (١٤) النوم المستثقل فيجب منه الوضوء على أي حال كان النائم من اضطجاع أو سجود أو جلوس أو غير ذلك وما دون الاستثقال يجب منه الوضوء في الاضطجاع والسجود ولا يجب في الجلوس.
وانظر: الاستذكار (١/ ١٤٨) وشرح التلقين (١/ ١٨٤) ومنح الجليل (١/ ٦٦).
(٣) انظر: شرح الزركشي على الخرقي (١/ ٥٩) والمغني (١/ ١٦٥) والفروع (١/ ١٧٨) والإنصاف (١/ ١٩٩، ٢٠٠).
(٤) قال ابن المنذر في الأوسط (١/ ٢٥٥) قال الأوزاعي: إذا استثقل نومًا قاعدًا توضأ فأمَّا من كان نومه غرارًا كما قال الزهري ينام ويستيقظ فلا وضوء عليه.
وقال ابن عبد البر في التمهيد (١٨/ ٢٤٢) قال الوليد سمعت أبا عمرو يعني الأوزاعي يقول إذا استثقل نوما توضأ.
وتقدم نسبة القول له بعدم النقض مطلقًا.
(٥) انظر: المغني (١/ ١٦٥) والممتع شرح المقنع (١/ ٢٠٧).

<<  <   >  >>