للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثالثًا: نوم القائم والراكع والساجد

اختلفوا فيه على ثلاثة أقول قول بالانتقاض مطلقًا وقول بعدم النقض مطلقًا وقول بالتفريق بين القليل والكثير.

القول الأول: ينتقض الوضوء بالنوم قائمًا أو راكعًا أو ساجدًا مطلقًا: وهو قول الشافعي الجديد (١) ومذهب الحنابلة (٢).

الدليل الأول: في حديث عائشة فقلت: يا رسول الله أتنام قبل أن توتر؟ فقال: «يَا عَائِشَةُ إِنَّ عَيْنَيَّ تَنَامَانِ وَلا يَنَامُ قَلْبِي».

وجه الاستدلال: دل على أنَّ نوم ماعدا النبي ناقض للوضوء فغيره ينام قلبه إذا نام (٣).

الرد: دل الحديث على تعلق الحكم بزوال الشعور - وذلك بالاستغراق - لا بهيئة النوم.

الدليل الثاني: عن صفوان بن عسال ، قال: «كان رسول الله يأمرنا إذا كنا سَفْرا أن لا ننزع خفافنا ثلاثة أيام ولياليهن، إلا من جنابة، ولكن من غائط وبول ونوم».

وجه الاستدلال: الأصل في النوم نقض الوضوء ولم يرد في تخصيص نوم القائم والراكع والساجد من عموم النقض نص ولا هو في معنى المنصوص لكون القاعد متحفظًا لاعتماده بمحل الحدث إلى الأرض بخلاف الراكع والساجد (٤).

الرد من وجهين:

الأول: الحديث محمول على النوم المعتاد.

الثاني: قياس عدم انتقاض وضوء القائم والراكع على القاعد من باب أولى


(١) انظر: الحاوي (١/ ١٨٢) ونهاية المطلب (١/ ١٢٣) والعزيز (١/ ١٦٠) والمجموع (٢/ ١٥).
(٢) انظر: شرح الزركشي على الخرقي (١/ ٥٩) والمغني (١/ ١٦٦) والفروع (١/ ١٧٨) والإنصاف (١/ ٢٠٠).
(٣) انظر: المحلى (١/ ٢٢٥) والحاوي الكبير (١/ ١٨٢).
(٤) انظر: شرح الزركشي على الخرقي (١/ ٥٩) والمغني (١/ ١٦٦) والممتع شرح المقنع (١/ ٢٠٨).

<<  <   >  >>