للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فمعنى الآية نافلة عليك.

الوجه الثاني: النفل التطوع (١) فعن أبي ذر قال: قال لي رسول الله : «كَيْفَ أَنْتَ إِذَا كَانَتْ عَلَيْكَ أُمَرَاءُ يُؤَخِّرُونَ الصَّلاةَ عَنْ وَقْتِهَا أَوْ يُمِيتُونَ الصَّلاةَ عَنْ وَقْتِهَا؟» قال: قلت: فما تأمرني؟، قال: «صَلِّ الصَّلاةَ لِوَقْتِهَا، فَإِنْ أَدْرَكْتَهَا مَعَهُمْ فَصَلِّ، فَإِنَّهَا لَكَ نَافِلَةٌ» (٢).

الرد من وجهين:

الأول: لو كان المراد به التطوع، لم يخصه بكونه نافلة له، وإنَّما المراد بالنافلة الزيادة، ومطلق الزيادة لا يدل على التطوع، قال تعالى: ﴿وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً﴾ [الأنبياء: ٧٢]، أي: زيادة على الولد، وكذلك النافلة في تهجد النبي زيادة في درجاته، وفي أجره، ولهذا خصه بها (٣).

الجواب من وجوه:

الجواب الأول: تقدم أنَّ الخطاب للنبي وتدخل فيه الأمة.

الجواب الثاني: النافلة في الآية العطية وهي زيادة من الله (٤).

الجواب الثالث: كون الله خص نبيه بوجوب القيام هذا محل الخلاف.

الرد: النافلة في الآية، لم يرد بها ما يستحب فعله ويجوز تركه، وإنَّما المراد بها الزيادة في الدرجات، وهذا قدر مشترك بين الفرض والمستحب، فلا يكون قوله: ﴿نَافِلَةً لَكَ﴾ نافيًا لما دل عليه الأمر من الوجوب (٥).

الجواب: ما تقدم ويأتي من الأدلة تدل على نفي الوجوب والله أعلم.

الدليل الثالث: في حديث سعد بن هشام بن عامر الأنصاري عن عائشة


(١) انظر: شرح مشكل الآثار (٤/ ٧١)
(٢) رواه مسلم (٦٤٨).
(٣) انظر: زاد المعاد (١/ ٣٢٢).
(٤) انظر: تفسير البغوي (٥/ ٣٣٠) وزاد المسير (٣/ ٢٠١).
(٥) انظر: زاد المعاد (١/ ٣٢٣).

<<  <   >  >>