للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال: ولم أر حكم اقتداء المتنفل بمثله هل يزيد ثوابه على المنفرد فليحرر (١).

ونقل ابن عابدين قوله الأخير وأعقبه بقوله: الظاهر نعم إن لم يكن على سبيل التداعي (٢).

وقال شيخنا العثيمين: الإنسان إذا دخل في صلاة فريضة أو نافلة منفردًا وهذه النافلة مما يشرع للجماعة فجاء إنسان ودخل معه فإنَّ ذلك من باب الجائز الذي ليس به بأس بل نقول إنَّه قد يكون مستحبًا لقول النبي : «صَلاةُ الرَّجُلِ مَعَ الرَّجُلَيْنِ أَزْكَى مِنْ صَلاتِهِ مَعَ رَجُلٍ، وَمَا كَانَ أَكْثَرَ فَهُوَ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ (٣)» (٤).

فلم يجزم شيخنا في هذا الموضع وجزم في موضع آخر فسئل: إذا كان الإنسان يصلي نافلة ودخل معه شخص فهل يجوز ذلك؟ وما حكم إذا امتنع من يصلي النافلة؟

فأجاب بقوله: نعم يجوز ذلك، فإذا دخل معه القادم نوى الجماعة، ولا ينبغي له أن يأبى فيحرم نفسه ويحرم الداخل ثواب الجماعة، وقد ثبت أنَّ النبي قام يصلي من الليل وحده فجاء ابن عباس فصلى معه، وما جاز في النفل جاز في الفرض؛ لأنَّ الأصل تساوي أحكامهما إلا بدليل يدل على الخصوصية (٥).

والذي يظهر لي أنَّ فقهاء المذاهب الأربعة يرون زيادة فضل لهذه الصلوات جماعة من غير تحديد الثواب (٦) وهو الذي يترجح لي والله أعلم.


(١) حاشية الطحطاوي على الدر المختار (١/ ٢٤٠).
(٢) حاشية ابن عابدين على الدر المختار (٢/ ٢٨٩).
(٣) انظر: (ص: ٦٧٧).
(٤) فتاوى نور على الدرب للعثيمين (٤/ ٣٠١).
(٥) مجموع الفتاوى (١٥/ ١٧١).
(٦) الذي يغلب على ظني أنَّ الجمهور يرون أنَّ ما تسن له الجماعة من الصلاة غير المفروضة فيه فضيلة عامة غير مقيدة وذلك لأنَّهم:
١: يستدلون بأحاديث تضعيف صلاة الجماعة في كلامهم على حكم الصلاة جماعة في الصلاة المفروضة.
انظر: بدائع الصنائع (١/ ١٥٥) والشرح الكبير (١/ ٣٢٠) والحاوي الكبير (٢/ ٢٩٧) وكشاف القناع (١/ ٤٥٥).
٢: يذكرون أحاديث التضعيف في ردهم على من يجعل الجماعة شرطًا لصحة الصلاة المفروضة.
انظر: شرح التلقين (٢/ ٧٠٥) ونهاية المطلب (٢/ ٣٦٥) وكشاف القناع (١/ ٤٥٥).
٣: لم أقف على استدلالهم بأحاديث التضعيف حينما يتكلمون على صلاة العيدين والاستسقاء والكسوف جماعة.
٤: بعضهم ينص على عدم صحة حمل أحاديث التضعيف على صلاة النافلة.
قال ابن عبد البر في الاستذكار (٢/ ١٣٨) لم يرد بحديث هذا الباب صلاة النافلة لأنَّه قد فضل صلاة المنفرد في بيته.
وقال الماوردي في الحاوي (٢/ ٣٠٠) لا يصح حمله على النافلة، لأنَّ صلاة النافلة في البيت أفضل منها في الجماعة.
٥: ينص بعضهم على أنَّه لا مدخل للقياس في الفضائل.
انظر: شرح البخارى لابن بطال (٢/ ٢٧٢) وإكمال المعلم (٢/ ٦١٩) ورياض الأفهام (١/ ٦١٣).
٦: من نص على المسألة من متأخري الفقهاء بعضهم لم يجزم بالحكم ومن جزم لم يذكر من سبقه لهذا القول فلو كان لهم سلف لذكروه كعادتهم والله أعلم.

<<  <   >  >>