والأدب (انظر تاريخ التراث ٢/ ٣٣ - ٣٦) على الاشتغال بالشرح والتفسير، تيسيرا لفهم النصوص المتعلقة بتلك الفنون.
ولا نعلم الآن إلى أى زمان تعود أولى المحاولات عند المسلمين لوضع نوع من المعاجم يشرح معانى الألفاظ المشكلة، دون أن يرتبط بنصوص معينة. وأقدم ما نعرفه اليوم من تآليف هذا الفن هو ما نظم من القصائد التعليمية موسوما باسم «قصيدة في الغريب». وقد ذكر ابن النديم (ص ١٧٠) طائفة من تلك القصائد التى لا يعرف بعض ناظميها أو رويت أسماؤهم مصحّفة، مثل «قصيدة الشّرقى بن القطامى»(انظر ص ١١٥ بعد)، و (قصيدة الأبزارى)(؟ ) و «قصيدة شبيل بن عزرة»(انظر ص ٢٣ بعد) و «قصيدة موسى بن حزنبل». ويحتمل أن نظمها كان قبل منتصف القرن الثانى للهجرة/ الثامن للميلاد. وأن بعضا منها نظم حوالى منقلب القرن الأول/ السابع إلى القرن الثانى للهجرة/ الثامن للميلاد. وليست قائمة ابن النديم بكاملة؛ وممّا يدلنا على ذلك أنها لا تشتمل على «قصيدة الغريب» لجعفر بن بشّار الأسدى التى وصلت إلينا (انظر ص ٢٧ بعد).
وحرىّ بالملاحظة أن هذه التآليف المعجمية المبكرة قد وضعت في قالب القصائد التعليمية، ذلك القالب الذى نجده في المؤلفات الكيميائية لخالد بن يزيد (المتوفى بعد سنة ١٠٢/ ٧٢٠، انظر تاريخ التراث ٤/ ١٢٠ وما بعدها)، وفي مبحث في الطب لتياذق (المتوفى نحو سنة ٩٥/ ٧١٤، انظر تاريخ التراث ٣/ ٢٠٨)./ وبناء على تطور التراث العربى في مجالات العلوم النظرية والطبيعية الأخرى يتسنى لنا افتراض أنه- فيما عدا القصائد التعليمية المذكورة آنفا- قد عولجت أيضا، ابتداء من أواخر القرن الأول للهجرة/ السابع للميلاد، موضوعات معجمية في تآليف مفردة، ومع ذلك فإنّنا عند ذكر أسماء المؤلفات المتقدمة لا نملك إلّا الاعتماد على إشارات عارضة في مصادرنا. ولعلّ أقدم ما نعرفه من أسماء تلك المؤلفات هو «كتاب يوم وليلة» لابى بصير يحيى بن القاسم الأسدى (٥٢)(المتوفى سنة ١٠٥/ ٧٢٣).
ومن الطريف أيضا ما يحكى عن أبي عمرو بن العلاء من أن «كتبه التى كتبها عن
(٥٢) انظر الرجال للنجاشى، ص ٣٤٤، تاريخ التراث العربى ٧/ ٣٣٨.