الحيري، ولم يزل من المقبولين إلى أن قلد القضاء في مدن كثيرة بخراسان، وإنما سمع الحديث أول ما سمع وهو ابن نيف وعشرين سنة، فسمع بنيسابور: أبا بكر بن خزيمة، وأبا العباس الثقفي، والماسرجسي، ومحمد بن شادل الهاشمي، ومحمد بن المسيب الأرغياني، ومحمد بن سليمان بن فارس، وأقرانهم، وسمع بالكوفة: أبا محمَّد بن زيدان، وأبا جعفر الخثعمي، وبالحجاز: محمَّد بن إبراهيم الديبلي، وبالجزيرة: أبا عروبة وأقرانه، وسمع بالشام: علي بن عبد الحميد الغضائري، وأبا عبد الرحمن البيروتي وسعيد بن هاشم بن زيد، وغيرهم، وصنف على كتاب البخاري ومسلم في "الصحيح"، وعلى كتاب أبي عيسى الترمذي، وصنف كتاب "الأسامي والكنى"، و"العلل"، والمخرج على كتاب المزني، وكتاب "الشروط"، وكان عارفًا به، وصنف الشيوخ والأبواب، وكان مقدمًا في العدالة أولًا، ثم ولي القضاء سنة ثلاث وثلاثين وثلاثمائة -يعني بخراسان- إلى أن قلد قضاء الشاش فحكم بها أربع سنين وأشهرًا، وآخره قلد قضاء طوس، فدخلتها وهو على القضاء، فكنت أدخل عليه والمصنفات بين يديه، فيقضي بين اثنين، فإذا تفرغ أقبل على التصنف، ثم انصرف إلى نيسابور سنة خمس وأربعين وثلاثمائة، ولزم مسجده ومنزله مفيدًا مقبلًا على العبادة والتصنيف، وأريد غير مرة على القضاء والتزكية فاستعفى، إلى أن كُف بصره سنة ست وسبعين وثلاثمائة، وهو حافظ عصره بهذه الديار، وكنا -يومًا- مع أبي علي في الجامع سنة أربعين وثلاثمائة، فقال أبو الحسين الحجاجي: يا أبا علي قد وافى أبو أحمد الكرابيسي على قضاء طوس، قال: متى؟ قال: أمس، فينبغي أن تزوره،