محمَّد بن إسحاق الصَّغاني يقول: سمعت أبا سعيد الأشج يقول: سمعت عبد الله بن إدريس يقول: أتيت يومًا باب الأعمش بعد موته، فدققت الباب، فقيل: مَنْ هذا؟ فقال: ابن إدريس، فأجابتني امرأة يقال لها: برة، هاي هاي، يا عبد الله بن إدريس، ما فعل جماهير العرب التي كانت تأتي هذا الباب. ثم بكى الكثير ثم قال: كأني بهذه السكة ولا يدخلها أحد منكم، فإني لا أسمع، وقد ضَعُفَ البصر، وحان الرحيل، وانقضى الأجل، فما كان إلا بعد شهر أو أقل منه حتى كَفَّ بصره، وانقطعت الرحلة، وانصرف الغرباء إلى أوطانهم، ورجع أمر أبي العباس إلى أنه كان يُناوَل قلمًا، فإذا أخذ بيده علم أنهم يطلبون الرواية فيقول: حدثنا الربيع بن سليمان، ويقرأ الأحاديث التي كان يحفظها وهي أربعة عشر حديثًا وسبع حكايات، وصار بأسوأ حال إلى شهر ربيع الاخر من سنة ست وأربعين وثلاثمائة، حتى توفي ليلة الإثنين ودفن عشية الإثنين الثالث والعشرين من شهر ربيع الآخر من سنة ست وأربعين وثلاثمائة، فغسله أبو عمر بن مطر، وشهدت جنازته بشاه هنبر، فتقدم أبو عمر بن مطر للصلاة عليه، ودفن في مقبرة شاه هنبره، وقد حدثنا عنه: أبو عبد الله بن الأخرم، وأبو بكر بن إسحاق، ويحيى العنبري، وعبد الله بن سعد، وأبو الوليد حسان بن محمَّد، وأبو علي الحافظ.
وسمعت الرجل الصالح أبا جعفر محمَّد بن موسى بن عمران يقول بحضرة الأستاذ أبي الوليد: رأيت أبا العباس في المنام فقلت: إلى ماذا انتهى حالك أيها الشيخ؟ فقال: أنا مع أبي يعقوب البُويطي، والربيع بن سليمان، في جوار أبي عبد الله الشافعي نحضر كل يوم ضيافته.